للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأُورِدَ: قِيَاسُ الْعَكْسِ، مِثْلُ: لَمَّا وَجَبَ الصِّيَامُ فِي الاِعْتِكَافِ بِالنَّذْرِ، وَجَبَ بِغَيْرِ نَذْرٍ.

عَكْسُهُ: الصَّلَاةُ لَمَّا لَمْ تَجِبْ فِيهِ بِالنَّذْرِ، لَمْ تَجِبْ بِغَيْرِ نَذْرٍ.

القِيَاس عند الإطلاق إلا قياس العلّة، ولا نطلقه على قياس الدّلالة إلا مقيدًا.

"وإما بأنه يتضمَّنُ المساواة فيها"، أي: في العلّة لا يستلزم الجامع لها، فإن المساواة في وجوب الضَّمان دلَّت على قَصْد الشارع حفظ المال بهما، وهو العلّة، فإذن قياس الدلالة داخلٌ في الحد؛ فإن المساواة موجودة فيه ضمنًا، ولا فَرْقَ بين أن توجد ضمنًا أو يصرح بها.

الشرح: "وأورد" على عكس الحَدّ - أيضًا - "قياس العكس" (١)، فإنه قياس،


= كان ذلك من قياس الدلالة؛ لأن وجوب الرد ليس هو علة وجوب الضمان في سورة المغصوب بل هو ملازم للعلة ودال عليها "وهي التعدي على مال الغير" فظهر بهذا أن الجمع في القياس المذكور بملازم العلة، لا بنفس العلة فكان قياس دلالة.
"مثال آخر" قياس النبيذ على الخمر في الحرمة بجامع الرائحة المشتدة في كل؛ فإن الرائحة المشتدة ليست هي العلة، بل العلة ملازمها "وهو الإسكار".
(١) أوضح ذلك فأقول: قياس العكس: هو إثبات نقيض حكم معلوم في معلوم آخر لوجود نقيض علته فيه، وهاك مثالًا يوضحه:
اتفق الحنفية والشافعية على أن الإنسان لو نذر أن يعتكف صائمًا كان الصوم شرطًا في صحة الاعتكاف، واتفقوا كذلك على أنه لو نذر أن يعتكف مصليًا لم تكن الصلاة شرطًا في صحة الاعتكاف وبالضرورة يكون الحكم كذلك في حالة عدم نذرها معه. ثم اختلفوا في الاعتكاف بدون نذر الصوم معه.
أيكون الصوم شرطًا لصحته أم لا؟.
ذهب الحنفية إلى أنه شرط. وذهب الشافعية إلى أنه ليس بشرط. استدل الحنفية على مذهبهم بقياس هذا نظمه:
"لمّا وجب الصوم شرطًا للاعتكاف بنذره معه، وجب بدون نذره معه كالصلاة لمّا لم تجب شرطًا للاعتكاف بنذرها معه لم تجب بغير نذرها معه".
فالأصل المقيس عليه الصلاة والحكم عدم وجوبها شرطًا بغير نذرها، والعلة عدم وجوبها شرطًا بنذرها. =

<<  <  ج: ص:  >  >>