(١) الصيام ليس من شرط الاعتكاف، ولكن الأفضل أن يعتكف بصوم؛ لأن النبي ﷺ كان يعتكف في شهر رمضان، وهذا صحيح ثابت في الصحيحبن من رواية ابن عمر، وعائشة، وأبي سعيد الخدري، وصفية أم المؤمنين وغيرهم من الصحابة، فإن اعتكف بغير صوم جاز؛ لحديث عمر ﵁ إني نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية: فَقَالَ لَهُ ﷺ: "أوْفِ بِنَذْرِكَ" ولو كان الصوم شرطًا لم يصح بالليل وحده، وهذا الحديث رواه مسلم والبخاري. وفي رواية للبخاري: "أوْفِ بِنَذرِكَ اعْتكِف لَيْلَةَ" وفي رواية لمسلم قال: يا رسول الله إني نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِأنْ أعْتكِفَ يَوْمًا. قَالَ: "اذْهَبْ، فَاعْتكِفْ يَومًا". أما الأحكام، فقال الشافعي والأصحاب: الأفضل أن يعتكف صائمًا، ويجوز بغير صوم، وبالليل وفي الأيام التي لا تقبل الصوم، وهي العيد والتشريق. هذا هو المذهب، وبه قطع الجماهير في جميع الطرق، وحكى الشيخ أبو محمد الجويني وولده إمام الحرمين وآخرون قولًا قديمًا أن الصوم شرط، فلا يصح الاعتكاف في يوم العيد والتشريق، ولا في الليل المجرد. قال إمام الحرمين: قال الأئمة: إذا قلنا بالقديم لم يَصِحَّ الاعتكاف بالليل لا تبعًا ولا منفردًا. ولا يشترط الإتيان بصوم من أجل الاعتكاف، بل يصح الاعتكاف في رمضان، وإن كان صومه مستحقًا شرعًا مقصودًا، والمذهب أَنَّ الصَّومَ ليس بشرط. فإذا قلنا بالمذهب فنذر أن يعتكف يومًا هو فيه صائم، أو أيامًا هو فيها صائم لزمه الاعتكاف بصوم بلا خلاف، وليس له إفراد الصوم عن الاعتكاف، ولا عكسه بلا خلاف. صرح به المُتَوَلِيُّ، والبَغوِيُّ وآخرون قالوا: ولو اعتكف هذا الناذر في رمضان أجزأه؛ لأنه لم يلتزم بهذا النذر صومًا، وإنما نذر الاعتكاف بصفة، وقد وجدت، وكذا لو اعتكف في غير رمضان صائمًا عن قضاء، أو نذر، أو عن كفارة أجزأه؛ لوجود الصفة، أما إذا نذر أن يعتكف صائمًا، فإنه يلزمه الاعتكاف والصوم، وهل يلزمه الجمع بينهما؟ فيه وجهان مشهوران. أحدهما: لا يلزمه، بل له إفرادهما. قال أبو علي الطبري: وأصحهما: يلزمه، وهو قول جمهور الأصحاب، وهو المنصوص في =