للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عكسه: الصَّلاة لما لم تجب فيه أي: في الاعتكاف "بالنَّذْرِ، لم تجب بغير نذر".

فالأصل: الصَّلاة في الاعْتِكَافِ، والفرع: الصوم فيه، وحكم الصلاة: أنها ليست


= الأم، فعلى هذا لو شرع في الاعتكاف صائمًا، ثم أفطر لزمه أن يستأنف الصوم والاعتكاف،
وعلى الأول يكفيه استئناف الصوم، ولو نذر اعتكاف أيام وليال متتابعة صائمًا، فجامع ليلًا، ففيه هذان الوجهان.
أصحهما: يستأنفهما.
والثاني: يستأنف الاعتكاف دون الصوم؛ لأن الصوم لم يفسد، ولو اعتكف في رمضان أجزأه على وجه أبي علي الطبري عن الاعتكاف، وعليه أن يصوم، ولا يجزئه على الصحيح المنصوص، بل يلزمه استئنافهما، ولو نذر أن يصوم معتكفًا فطريقان:
أحدهما وبه قال أبو محمد الجويني: لا يلزمه الجمع بينهما، بل له تفريقهما وجهًا واحدًا؛ لأن الاعتكاف لا يصلح وصفًا للصوم، بخلاف عكسه؛ فإن الصوم من مندوبات الاعتكاف.
وأصحهما وبه قال الأكثرون: فيه الوجهان السابقان، ولو نذر أن يصلي معتكفًا، أو يعتكف مصليًا لزمه الاعتكاف والصلاة، وفي لزوم الجمع بينهما طريقان:
أحدهما: أنه على الوجهين في من نذر الاعتكاف صائمًا، وأصحهما لا يجب الجمع بينهما، بل له التفريق وجهًا واحدًا، والفرق أن الصوم والاعتكاف متقاربان في أن كُلًّا منهما كف بخلاف الصلاة، فإنها أفعال مباشرة لا تناسب الاعتكاف، فلم بشترط جمعهما، ولو نذر أَنْ يصلي صلاة يقرأ فيها سورة معينة لزمه الصلاة، وقراءة السورة، وفي لزوم الجمع بينهما وجواز التفريق الوجهان السابقان، ولو نذر أن يعتكف شهر رمضان ففاته، لزمه اعتكاف شهر آخر، ولا يلزمه الصوم بلا خلاف.
وقال مالك وأبو حنيفة: إن الاعتكاف لا يصح بغير صوم، واستدلوا بما رواه الزُّهْرِيُّ عن عائشة أن رسول الله قال: "لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بصَوْم": ولما روى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أنه قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي نَذَرْتُ اعْتِكافَ يَوْمٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فقال رَسُولُ اللهِ: "اعْتكِفْ وَصُمْ" وأمره بالصوم، فدل هذا من فعله على أن الاعتكاف لا يصح إلا بصوم، ودليلنا قوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾، الآية فكان على ظاهره، وعمومه في كل معتكف.
وروى طاوس عن ابن عباس أن النبي قَالَ: "لَيسَ عَلَى المُعْتكِفِ صَوْمٌ إلّا أنْ يُوجِبَهُ عَلَى نَفْسِهِ". =

<<  <  ج: ص:  >  >>