للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا الرُّخْصَة، فَالْمَشْرُوعُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ الْمُحَرِّمِ لَوْلَا الْعُذْرُ؛. . . .

وأما إذا استأجر - مثلًا - صبيٌّ رجلًا بالغًا فعمل عملًا لم يستحق شيئًا؛ لأنه الذي فَوَّت على نفسه عمله، وتكون باطلة.

ومنها: لو قال للمديون: اعزل قدر حَقِّي، فعزل، ثم قال: قارضتك عليه لم يصحّ؛ لأنه لا يملكه بالعزل، فإذا تصرف المأمورُ بأن اشترى بالعين فهو ملك له، وإن اشترى في الذمة للقراضِ ولغيره فوجهان:

أحدهما: الشراء للقراض، ويكون قراضًا فاسدًا، وله الأجرة والربح لبيت المال.

والثاني: لا يكون قراضًا (١) لا فاسدًا ولا صحيحًا، بل هو باطلٌ.

ومنها: لو قال: بعتك، ولم يذكر ثمنًا، وسلَّم، وتلفت العين في يد المشتري، هل عليه قيمتها؟ وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأنه بيعٌ فاسدٌ.

والثاني: لا؛ لأنه ليس بيعًا أصلًا، فيكون أمانة، وهذا ما حضرنا منها.

واعلم أنَّا فرقنا في هذه الفروع - كما عبمت - بيد أنا لم نَرُمْ مَرَامَ الحنفية، ولم [نَنْحُ] (٢) طريقتهم؛ لأنهم يثبتون بيعًا فاسدًا يترتب عليه مع القبض أحكام شرعية. ونحن لا [نغفل] (٣) ذلك، وإنما العقود لها صورة لغةً وعرفًا من عاقد ومعقود عليه، وصيغة، ولها شروط شرعية.

فإن وجدت كلها فهو الصحيح، وإن فقد العاقد أو المعقود عليه، أو الصيغة وما يقوم مقامها فلا عقد ألبتة، وتسميته باطلًا مجاز، وإن وجدت وقارنها (٤) مفسد من عدم شرط أو نحوه فهو فاسدٌ.

وعندنا هو باطلٌ أيضًا، ولكن يطلق عليه الفاسد لمشابهته للصَّحيح من جهة ترتُّب أثر (٥) ما عليه من أُجْرة مِثْلٍ، وغير ذلك، ولم ننف عنه الإبطال، وإنما سَمَّيناه بالفاسد، وسكتنا عن ذكر الباطل تفرقةً بين ما يترتّب عليه أثر ما، وما لا يترتَّب.

الشرح: واعلم أن الرُّخصةَ من خطاب الاقتضاء لا الوضع، وستعرف انقسامها بحسب ما تؤول (٦) إليه إلى: واجبٍ، ومندوبٍ، ومباحٍ، ولكنَّ المصنّف أوهم أنها من الوضع، إذ


(١) في أ: قرضًا.
(٢) في ت: نتج.
(٣) في ت، ح: نفعل.
(٤) في أ، ت، ح: قاربها.
(٥) في أ، ح: أمر.
(٦) في ت، ح: يؤول.

<<  <  ج: ص:  >  >>