للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بعدها إلَّا الأخير منهما مثل: طالق وطالق إن شاء الله، فمن يعتمد هذه القرينة، فيوقع طلقتين، ويدفع الثالثة؛ لأنها المعلّقة بالمشيئة، وهو الأصح.

ومن قال بالجَمْع فيجعل كأنه قال: طالق ثلاثًا إن شاء الله، فلا يقع شيء.

ومسألة الاستثناء [عقب] (١) الجمل مخصوصة بمعطوفين مختلفين حكمًا وموضوعًا، مثل: أنت طالق، وعبدي حرّ إن شاء الله، أو أنت طالق، ولك على ألف إن شاء الله، ولا يقال: إذا عاد في المُخْتلفتين فأولى في المُتَمَاثلين؛ لأنا نقول: المختلفتان لا ينتظمهما لفظ واحد، بخلاف المتماثلين، إذ ينتظم قولك: زيد وزيد وزيد الزيدون، بخلاف زيد وعمرو وبَكْر، فالعدول عن الزيدين قرينة إرادة اختصاص الأخيرة، ولولا أن الفَرْقَ واقع بين مسألة العدد، والمسألة الأصولية لناقض كلامهم في الطلاق ما قدموه في الوقف.

ونظيره قول الشيخ أبي إسحاق في "المهذب": وإن قال: أنت طالق طلقة وطلقة إلا طلقة، ففيه وجهان:

أحدهما: تطلق طلقة؛ لأن "الواو" في الاسمين المنفردين كالتثنية، فيصير كما لو قال: أنت طالق طلقتين إلا طلقة.

والثاني وهو المنصوص، أنها تطلق طلقتين؛ لأن الاستثناء يرجع إلى ما يليه، وهو الطلقة، واستثناء طلقة من طلقة باطل، فيسقط ويبقى الطلقتان. انتهى.

وهو صريح في أن المنصوص اختصاص الاستثناء بالأخيرة، وإنما أراد في عطف العدد، وإلَّا فهو قد صرح في مجموعاته الأصولية أن مذهب الشَّافعي عود الاستثناء إلى الجميع.

فإن قلت: ذلك في الجمل، وهذه مفردات.

قلت: المفردات أولى بالعود إلى الجميع كما عرفت.

"التنبيه الثالث"

قول [الشافعي] (٢): إن الاستثناء يعود إلى جميع الجمل السَّابقة معناه: العود إلى كل واحدة منها بمفردها.


(١) في أ، ج: عقيب.
(٢) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>