للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا: أَلَّا تَرْجِعَ عَلَى الأصْلِ بِالإِبْطَالِ، وَأَلَّا تَكُونَ الْمُسْتَنْبَطَة بِمُعَارِضٍ فِي الأصْلِ.

وَقِيلَ: وَلَا فِي الْفَرْعِ.

الشرح: "ومنها: ألا ترجع على الأصل" (١) الذي استنبط منه "بالإبطال"، أي: لا يلزم منها بُطْلان الحكم المعلّل بها؛ فإِن الحِكم أصلها، فلو أبطلته؛ لبطلت إِذ الفرع يبطل ببطلان أَصْله، وقد سبق في التأويلات البعيدة أمثلة ما يرجع على الأصل بالإبطال، وللشَّافعي قولان في جواز عَوْدِهَا على الأصل بالتَّخْصيص، ولا خلاف في جواز عوده عليه بالتَّعميم، كما يستنبط من قوله : "لا يَقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ" (٢)، أن العلّة تشويش الفِكْر، وتعديه إلى كل مُشَوّش للفكر، وذلك باب القياس كله.

"وألا تكون" العلة، أي: ومن الشروط: ألا تكون "المستنبطة" معارضة "بمعارض" موجود "في الأصل" صالح للعلّية، وليس موجودًا في الفرع (٣)، فإنه متى كان في الأصل وصفان مُتَعَارضان يقتضي كلّ منهما نقيض حكم [الآخر] (٤)، لم يصحّ إِعمال واحد منهما إِلا بمرجّح، مثاله: قول الحَنَفِي في التبييت: صوم عَيْن، فيتأدّى بالنية قبل الزَّوَال، كالنفل فنقول: صوم فرض فيحتاط فيه، ولا يبنى على السهولة.


(١) ينظر: الإحكام للآمدي ٣/ ٢٢٦ (١٨)، وشرح العضد ٢/ ٢٢٨، وشرح الكوكب المنير (٥٠٠)، وجمع الجوامع ٢/ ٢٤٧، ونهاية السول ٤/ ٣٠١، وإرشاد الفحول (٢٠٨)، والتحرير (٤٦١)، والتيسير ٤/ ٣١، وفواتح الرحموت ٢/ ٢٨٩.
(٢) متفق عليه من حديث أبي بكرة، أخرجه البخاري في الصحيح ١٣/ ١٣٦ كتاب الأحكام (٩٣) باب هل يقضي القاضي … (١٣) الحديث (٧١٥٨) واللفظ له، وأخرجه مسلم في الصحيح ٣/ ١٣٤٢ - ١٣٤٣ كتاب الأقضية (٣٠)، باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان، الحديث (١٦/ ١٧١٧). وأبو داود ٣/ ٣٠٢ في كتاب الأقضية، باب: القاضي يقضي وهو غضبان، حديث (٣٥٨٩)، والترمذي ٣/ ٦٢٠ في أبواب الأحكام، باب ما جاء لا يقضي القاضي وهو غضبان حديث (١٣٣٤)، وقال أبو عيسى: "هذا حديث حسن صحيح"، والنسائي ٨/ ٢٣ في كتاب: آداب القضاء، باب ذكر ما ينبغي للحاكم أن يتجنبه، وفي ٨/ ٢٤٧ باب: النهي عن أن يقضي في قضاء بقضائين.
(٣) ينظر: شرح الكوكب (٥٠١)، والإحكام للآمدي ٣/ ٢٢٥، وجمع الجوامع ٢/ ٢٤٩، وشرح العضد ٢/ ٢٢٨، وفواتح الرحموت ٢/ ٢٩٠، والتحرير (٤٦٢)، وإرشاد الفحول (٢٠٨)، وتيسير التحرير ٤/ ٣٢.
(٤) في أ، ت: الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>