للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: مَعَ تَرْجِيحِ الْمُعَارِضِ.

"وقيل: ولا في الفرع"، أي: ويشترط - أيضًا - ألا يكون في الفَرْعِ وصف معارض؛ وذلك لأن المقصود من إِثبات علّة الأصل ثبوت الحكم في الفرع، فَإذا عورضت في الفرع بوصف آخر، لم يثبت الحكم؛ لأنه من حيث إِنه معارض منافٍ يلحقها بأصل آخر، مثاله في: مَسْحُ الرأس ركن في الوضوء، فيسنّ على أصح القولين تَثْلِيثه، كغسل الوجه، فيعارض الخصم بقوله: مسح، فلا يسنّ تثليثه، كالمسح على الخفين.

الشرح: "وقيل (١): مع الترجيح" أي: قيد ما ذكر "مع تَرْجيح المعارض"، وهذه نسخة المصنّف، وفي بعض النسخ: وقيل: إنما يشترط ألّا تُعَارَضَ المستنبطة بمعارض في الأصل، أو في الأصل والفرع جميعًا، على اختلاف المذهبين، تَرْجِيح المعارض، أي: إذا كان ذلك المعارض راجحًا، فإنه - حينئذ - يبطل عمل الوَصْف الآخر المرجوح.

أما إِذا لم يكن راجحًا فلا، وهذا ضعيف؛ لأن الرَّاجحية كما تبطل عمل الوصف الآخر، كذلك المُسَاواة؛ إِذ لا ترجيح لأحد المُتَسَاويين على الآخر. هذا تقرير ما في الكتاب، والذي فهمناه من أن المراد بالمعارضة المُنَافاة، وهو الحَقّ، والشارحون فهموا أن المراد بالمعارضة: الإِثبات بوصف آخر لا ينافي، وربما تأيّد هذا بعبارة الآمديِّ في "المنتهى" التي سأحكيها، وهو فاسد.

أما أولًا؛ فلأنه حمل للمعارض على خلاف ظاهره؛ [فإن ظاهر التعارض التنافي مع إِمكان إِجرائه على ظاهره] (٢).

وأما ثانيًا؛ فلأن المعارض إِذا كان غير منافٍ، فقول المصنف فيما بعد: لا يشترط نفي المعارض في الأصل والفرع.

إن أراد به المعارض المنافي، فهو واضح الفساد؛ إذ لا بد في صحة العلة من نفي ما ينافيها.

وإن أراد المعارض غير المنافي، فهو تَكْرَار، وما يقال من أنّ معنى قوله - هناك -: إنه لا يشترط نفي المعارض فيهما جميعًا، وما اشترطه - هنا - نفي المعارض في الأصل فقط -


(١) في أ، ب، ت: وقيد.
(٢) سقط في ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>