للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يصدق على الأول أنه عربي، وعلى الثاني فارسيٌّ مجازًا.

فإن قلت: المجاز خلافُ الأصل.

قلت: هذا لا يضر؛ لأن المستدِلَّ، إذا ذكر دليلًا، فلا يسعه الذَّهاب إلى ما فيه مخالفة الأصل؛ من مجاز، أو غيره، إلا مع ذكر المُحْوج لذلك، مع الاستدلال عليه في ذلك المحلِّ، أما إذا ذَكَرَ دليلًا سالمًا عن المعارِضِ، فعورضَ بما هو ظاهر في المُعَارضة، مع احتمال عدمها؛ [كالمعارضة بقوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [سورة يوسف: الآية، ٢].

فقال المستدِلُّ: هذا أريد به خلافُ ظاهره؛ عن مجاز] (١) أو غيره، فدعواه ممنوعة؛ لأن الدليل المنصوب [أولًا] (٢) لا يعارضه إلا دليلٌ سالمٌ عن الاحتمال، فكما منعْنا المستدِلَّ (٣) من الذَّهاب إلى المجاز، منعْنا خصْمَه من الاستدلال بما فيه احتمال المجاز.

واعلم أن المصنِّف أطلق الصحة في قوله: ويصح إطلاقُ اسم القرآن عليها، وأراد الصحة [الحقيقية، وهنا أراد المجازية؛ كما أطلقَ الرَّافعي] (٤) الصّحة في كلامه على قول (الوجيز): "والكثيرُ لا يَنْجُسُ إلا إذا تغيَّر"، وأراد الصَّحَّة الحقيقية.

وفي مواضع أخر، وأراد المجازية.

"فائدة"

لعلَّك تقول: الإمام الرَّازي والمصنِّف متوافقان على مذهب واحد في هذه المسألة، وقد تخالفا في هذا الدَّليل؛ إذ استدلّ به الإمامُ على أن القرآن عربي، واختار ذلك، وجعله المصنِّف دليلًا للخصم، واختار اشتماله على ما ليس بعربي تنزيلًا - فنقول: لنا هنا خصمان: المعتزلة، والقاضي؛ فحيث استدل الإمام بكونه عربيًّا، فمراده الرد على المعتزلة في قولهم بالوضْعِ المبتَكَر، ونخص مذهب القاضي بردٍّ آخر، ويكون الاحتجاج بكونه عربيًّا - دليلًا لنا، وللقاضي عليهم.

والمصنِّف نصبه شُبْهَةً من القاضي، وذكر جوابين:

أحدهما: يدفع ما تعلّق به القاضي؛ وهو قوله: (وأجيب بأنها (٥) عربية)، ورشَّحه بما يمنع


(١) سقط في ت.
(٢) سقط في ب، ج.
(٣) في ب: من المستدل.
(٤) سقط في ح.
(٥) في ت: أنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>