لا يجوزون القِيَاس على الأصل المنسوخ، وقد قالوا: ببقاء حكم الفرع؟.
قلتُ: لأنهم بَنَوا ثَمّ على أصلهم في أن البقاء غير محتاجٍ إلى العلة، فقالوا في جواب قول أصحابنا: العلّة فرع الحكم في الأَصْل، والفرع فرعها، فإذا بطل الأصل بطلت العلّة؛ لأنّها مبنية عليه.
قلنا: متى إذا كان الحكم مفتقرًا إليها دوامًا أو مطلقًا؟ الأول مسلّم، والثاني ممنوع، وهذا لأنّ الباقي غير مفتقرٍ إلى العلّة حالة البقاء - عندنا - وحينئذٍ لا يلزم من زوال العلّة زوال الحكم. هذا كلامهم، وبه يندفع السُّؤال عنهم؛ إذ لو قِسْنَا فرعًا آخر على الأصل المنسوخ، لكُنَّا ابتدأنا إعمال العلّة، وهي منسوخةٌ، بخلاف ما بني عليها في وقت كونها باقيةً، فإنه يبقى وإن زالت؛ لعدم احتياجه في بقائه إليها.
"وأنْ يكون" حكم الأصل "غير فرع" عن أصل آخر؛ "خلافًا للحَنَابلة والبصري".
الشرح: "لنا": أن العلّة الجامعة بين حكم الأصل وأصله "إن اتحدت" مع العلة الجامعة بينه وبين فرعه "فذكر [الوسط](١)"وهو الثاني "ضائع" حَشْو؛ لحصول الغرض بدونه، وذلك "كالشَّافعية" إذا قال قائلهم "في السَّفَرْجَل: مطعوم فيكون ربويًّا كالتفاح، ثم يقيس" القائل "التفاح على البُرّ" بجامع الطّعم؛ فذكر التفاح ضائع. "وإن لم تتّحد فسد" القياس، "لأن الأولى" أعني: التي بين الفرع المتنازع فيه والأصل الذي هو فرع - "لم يثبت اعتبارها"؛ لثبوت الحكم في الفرع بغيرها، "والثانية" وهي العلّة التي بين الأصل وأصله "ليست" موجودةً "في الفرع" المتنازع فيه.
"كقوله" أي: قائل الشَّافعية "في الجُذَام: عيب يفسخ به البيع، فيفسخ به النِّكَاح، كالرَّتَق والقَرَن، ثم" إذا منع كون الرَّتَق والقَرَن مما ثبت الفسخ في البيع "يَقيس القَرَن"