والرَّتَق "على الجَبّ بفوات الاسْتِمْتَاع"، ففوات الاستمتاع هو الذي يثبت لأجله الحكم في الرَّتَق والقَرَن، وهو غير موجود في الجُذَام، والثابت في الجُذَام، وهو كونه يفسخ به البَيْع، لم يثبت اعتباره، وهذا مثال ضَرَبْنَاه، وردُّ المَجْبُوب في البيع - عندنا - إنما هو لنُقْصان عين المبيع نقصانًا يفوت به غرض صحيح، وهو انْسِلَالُهُ من حدّ الرجال ذوي الشَّهَامة، لا لفوات الاستمتاع؛ إذ لا استمتاع بذكر العِنِّينِ، ولذلك لا يثبت الرد بكونه عِنّينًا؛ خلافًا للصَّيْمَرِي، وإمام الحرمين.
وأما إثبات الفسخ بالجَبّ في النكاح، فلفوات الاسْتِمْتَاع، فتغايرت العلتان.
وإذا أردت مثالًا جامعًا للصورتين، فقل: الوضوء عبادةٌ، فيشترط فيه النِّيّة كالتيّمم، فيقال: لم شرطها في التيمم؟ فتقول: لأنه عبادةٌ كالصلاة، فتتحد العلّة، أو تقول أولًا: طهارة كالتيمم، ثم تقول: إنه عبادة كالصلاة، فلا تتحدّ.
الشرح: وهذا فيما إذا كان حكم الأصل فرعًا يوافقه المستدلّ، ويخالفه المعترض، "فإن كان فرعًا يخالفه المستدل" ويوافقه المعترض، "كقول الحنفي في الصوم بنِيّة النفل"، أي: بنيةٍ مطلقةٍ: "أتى بما أمر به فيصح، كفريضة الحج"، وهو لا يقول بصحّة فريضة الحَجّ بنيّة النفل، بل خصمه هو القائل به، "ففاسد؛ لأنه متضمن اعترافه بالخَطَأ في الأصل"؛ وهو إثبات الصحّة في فريضة الحَجّ، والاعتراف ببطلان إحدى مقدّمات دليله اعتراف ببطلان دليله، فلا يسمع.
فإن قلت: فهل يصحّ على وجه الإلزام للخصم؟.
قلت: لا؛ لوجهين:
أحدهما: أن [يقول](١): العلّة في الأصل عندي غير ذلك، ولا يجب ذكرى لها، وله أن يتبرع بذكرها، ويقول: الحج في العبادات كالعِتْقِ في التصرُّفات في القوة والتغليب، ولهذا ينعقد مع مُنَافيه، ويجب المُضِيّ في فاسده، فجاز أن ينصرف فيه مطلق النِّية إلى