الفرض؛ ولأنه يجوز في الحَجّ أن يحرم إحرامًا موقوفًا بين جنس الحجّ والعُمرة، ثم يصرفه إلى ما شاء، ولا كذلك في الصوم؛ فدلّ أنهما مفترقان.
والثاني: أن يقول: إنما يلزم خَطَئي في أحد الأمرين من الأصل أو الفرع على الإبهام، لا في الفرع على التَّعيين، وهو مطلوَبك، فإن عدت وطلبت التَّسْجيل عليّ بالخطأ في مبهم، لم يسمع، ولو سمع لكان لي - أيضًا - أن أعود فأقرر أني مصيب في الموضعين بطريقة أذكرها.
"فائدة"
ما ذكره الأصوليون من أن شرط حكم الأصل - أن يكون غير فرعٍ، مخصوص - عندي - بما إذا لم يظهر للوَسَطِ فائدة ألبتة، كما مثل في قياس السَّفَرْجَل على التُّفَّاح، والتفاح على البُرّ.
أما إذا ظهرت له فائدة، فلا يمنع - عندي - أن يقاس فرع على فرع، فقولهم: إن كل فرع قِيسَ على فرع، فالعلّة فيه إما متحدّة فيكون حشوًا، أو لا، فيفسد - نقول عليه: بين الأمرين واسطة، وهي: أن يكون حكم الفرع المَقِيس عليه الذي هو وسط أظهر أو أولى، وظهوره إما لشهرة أو لغيرها، وأَوْلَوِيته ممكنة أيضًا.
ولا يقال: لو كان أولى لم يَجُزْ قياس الفرع عليه؛ لأنه لا يلزم من ثبوت الحكم للأولى به؛ ثبوته لما ليس بأولى، لعدم المُسَاواة؛ لأن جواب هذا قد عرف عند تقسيم القياس إلى أَوْلَى ومُسَاو وأَدْوَن.
إذا عرفت هذا، فربّ فرع لأصل ذلك الأصل يظهر فيه الحكم أقوى من ظهوره فيه، وهكذا إلى أن يتناهى الحال إلى مَرَاتب كثيرة، بحيث لوقيس الفَرْعُ الأول الذي هو فرع الفرع على الأصل الأول، لاستنكر في بادئ الرَّأي جدًّا، بخلاف ما إذا جعل مندرجًا هكذا، وهذا مكان دقيق جدًّا، لا يفهمه إلا الجامعون بين دَقَائِقِ الفقه وحقائق الأصول.
فإذا قال قائل: - مثلًا -: التفاح ربويّ قياسًا على الزَّبِيب، والزبيب ربوي قياسًا على التَّمْر، والتمر ربوي قياسًا على الأُرْز، والأرز ربوي قياسًا على البُرِّ، لم يكن مبعدًا، إذا قصد بقياس التفاح على الزبيب الوصف الجامع بينهما، وهو الطعم، وبقياس الزبيب على التَّمْر: الطعم، مع الكيل، وبالتمر على الأَرْز: الطعم والكيل مع التقوت، وبالأرز على البُرّ: الطعم والكيل والقُوت الغالب، ولو قاس ابتداء التفاح على البر، ولم يتدرج بالطريقة