للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنَاهِجُ العُلَمَاءِ فِي الدِّرَاسَاتِ الأصُولِيَّةِ

تعدَّدتْ مناهجُ العُلَمَاء بَعْد الشافعيِّ واختلفتْ كتُبُهم الأصوليَّة تبعًا لاخْتِلافِ مناهِجِهمْ ومشاربهمْ في الدِّراسات الأُصوليَّة. ويمكن إجْمال هذه المَذَاهِبِ فِي ثَلاث شُعَبٍ مختلفةٍ لكلٍّ منها ضوابطُ وقواعدُ خاصَّةٌ بها:

أوَّلًا: الاتجاه النظريُّ المَحْضُ الَّذي لا يتأثَّر بِفُرُوعِ أيِّ مَذْهَبٍ فِقْهِيٍّ، وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ ومَنْ سَارَ عَلَيْه بَعْده، حيثُ إن الشَّافعيُّ قد لاحظ في منهاجه الذي وضَعَه عن عِلْم الأصول أن يَكُونَ عِلْمُ الأُصُول مِيزانًا ضابِطًا وقانُونًا كُلِّيًّا تَجِبُ مراعاته عِنْد استِنْباطِ الأَحْكَام.

ثانيًا: الاتجاهُ المتأثِّر بالفُرُوعِ الفقهيَّةِ، والَّذِي يَخْدمُ تِلك الفُرُوع، ويثْبِتُ سلامة الاجتهاد فيها.

ثالثًا: المَذْهَب الجامعُ بَيْن الاتِّجاهَيْن السابِقَيْن، وظهر هذا المذهَبُ في مرحلةٍ متأخِّرة.

والنَّاظِرُ لتاريخِ هذه المناهِجِ يُلاحظ أنَّها ظَهَرَت بَعْد تقرُّر المذاهِبِ الفقهيَّة.

وفي ذلك يقول العلَّامة أبو زهرة: "وقد سار الفقهاء بعد تقرُّر المذاهب الفقهية في دراسَةِ أُصُول الفقه في اتِّجاهَيْنِ مختلفَيْنِ:

أحدهما: اتِّجاهٌ نظريٌّ، وهو لا يتأَثَّر بفروعِ أيِّ مَذْهَبٍ …

ثانيهما: اتِّجاهٌ متأثِّرٌ بالفروعِ وهو يتَّجه لخدْمَتِها، وإثبات سلامة الاجتهاد

<<  <  ج: ص:  >  >>