للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا: دَلِيلُ السَّمْعِ، فَلَوْ لَمْ يَبْقَ إِلّا وَاحِدٌ، فَقِيلَ: حُجَّةٌ؛ لِمَضْمُونِ السَّمْعِيِّ، وَقِيل: لَا؛ لِمَعْنَى الاِجْتِمَاعِ.

مَسْأَلَةٌ:

إِذَا أَفْتَى وَاحِدٌ وَعَرَفُوا بِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْمَذَاهِبِ، ...........

وأنا أقول: إنه لا يمنع انتهاض السَّمع إلا على القَطْعِ، وهذه مسألة ظنية فأكتفي فيها بدليل السمع، بخلاف أصل كون الإجماع حُجَّة، ونحن لا نشترط عدد التواتر إلا في انتهاض [كون] (١) الإجماع قطعيًّا دون انتهاضه ظنيًّا، وهذا كله إذا صدق اتفق أهل العصر.

"فلو لم يَبْقَ إلا واحد فقيل: حجة؛ لمضمون" الدليل "السَّمعي"، فإنه دلَّ على أن قول الأمة حُجَّة، والأمة كما تطلق على الجَمَاعَةِ تطلق على الواحد قال - تعالى -: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾.

"وقيل: لا" يكون قوله حُجَّة؛ "لمعنى الاجتماع" الذي يقتضيه لفظ الإجماع، فإنه لا بد أن يكون من اثنين فصاعدًا، وصدق الأمة على الواحد مجاز، وإلا يلزم الاشتراك لصدقه بالحقيقة على الجماعة.

الشرح: "إذا أفتى واحدٌ" في المَسَائل التكليفية (٢)، "وعرفوا به، ولم ينكره أحد" بل سكتوا


(١) سقط في ت، ح.
(٢) هذه المسألة في أنه إذا ذهب واحد من أهل الحل والعقد إلى حكم في مسألة قبل استقرار المذهب على حكم تلك المسألة بنحو إجماع وغيره، وعرف به أهل عصره، ولم ينكر عليه منكر، فهل يكون إجماعًا أم لا؟ اختلفوا فيه. ولقد أطال الإمام النفس في تقرير محل النزاع في هذه المسألة، كما ستراه مبسوطًا من خلال كلامه. ينظر: الشيرازي ٢٠٩ خ، والبحر المحيط للزركشي ٤/ ٥٠٣، والبرهان لإمام الحرمين ١/ ٦٩٧، وسلاسل الذهب للزركشي ٣٦٠، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ٢/ ٢٢٨ - ٢٢٩، ونهاية السول للإسنوي ٣/ ٢٩٧، ومنهاج العقول للبدخشي ٢/ ٤٢٠، وغاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ١٠٨، والتحصيل من المحصول للأرموي ٢/ ٦٦، والمنخول للغزالي ٣١٨، والمستصفى له ١/ ١٩١، وحاشية البناني ٢/ ١٨٧، والإبهاج لابن السبكي ٢/ ٣٧٩ والآيات البينات لابن قاسم العبادي ٣/ ٢٩٧، وحاشية العطار على جمع الجوامع ٢/ ٢٢١، وكشف الأسرار للنسفي ٢/ ١٩٤، وميزان الأصول للسمرقندي ٢/ ٧٣٩، وإرشاد الفحول للشوكاني ٨٤، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج ٣/ ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>