الشرح:"إذا قال: كنا نفعل، أو كانوا" يفعلون، "فالأكثر حجّة" - سواء قيد ذلك بمهده ﷺ أم أطلق؛ "لظهوره في عمل الجَمَاعَةِ".
وأنا أقول: لهذه الصيغة ألفاظ، أعلاها أن يقول: كنا مَعَاشِرَ الناس، أو كان الناس يفعلون في عَهْدِهِ عسفه، وهذا ما لا يتّجه في كونه حجة خلاف.
والثانية: أن يقول: كُنَّا نفعل في عهده ﷺ وهي دون ما قبلها، لاحتمال عودة الضَّمير في "كُنَّا" على طائفة مخصوصة، لا جميع النَّاس.
والثالثة: أن يقول: كان النَّاس يفعلون، ولا يصرح بعهد النَّبي ﷺ، وهذه دون الثانية من جهة عدم التَّصْريح بعهده ﷺ، وفوقها من جهة تصريحه بجميع النَّاس.
والأظهر: رُجْحَان تلك؛ لأن التَّقييد بعهده ﷺ ظاهر في تقريره عليه.
وتقريره: تشريع سواء كان لواحد أم لجماعة، وغاية تلك أنها ظاهرة في نَقْلِ الإجماع، وفي نقل الإجماع بخبر الوَاحد خلاف، وبتقدير ثبوته هو إجماع في زمن النَّبي ﷺ فلا يعتبر.
والرَّابعة: أن يقول: كنا نفعل أو كانوا يفعلون؛ مثل قول عائشة - رضي الله تعالى عنها -: "كانوا لا يَقْطَعُونَ فِي الشَّيء التَّافِهِ"، وهي دون الكل؛ ولذلك - والله أعلم - اقتصر المصنف على ذكرها هنا؛ لأنه إذا ثبت أنها حجّة، فما فوقها يثبت بطريق أوْلَى.
ومقتضى كلام القاضي في "التقريب": أنه لا يحتجّ بهذا اللَّفظ إلا إذا ظهرت إضافته إلى زمن النبي ﷺ وإلى الإجماع.
"قالوا: لو كان" ظاهرًا في عمل الجماعة "لما شاعت المُخَالفة" فيه؛ لأَنَّ مخالفة الإجماع لا تجوز.