للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ:

إِذَا قَالَ: كُنَّا نَفْعَلُ أَوْ كَانُوا، فَالْأَكْثَرُ: حُجَّةٌ، لِظُهُورِهِ فِي عَمَلِ الْجَمَاعَةِ.

قَالُوا: لَوْ كَانَ، لَمَا سَاغَتِ الْمُخَالَفَةُ.

قُلْنَا: لأَنَّ الطَّريقَ ظَنِّيٌّ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ النَّصِّ.

«مسألة»

الشرح: "إذا قال: كنا نفعل، أو كانوا" يفعلون، "فالأكثر حجّة" - سواء قيد ذلك بمهده أم أطلق؛ "لظهوره في عمل الجَمَاعَةِ".

وأنا أقول: لهذه الصيغة ألفاظ، أعلاها أن يقول: كنا مَعَاشِرَ الناس، أو كان الناس يفعلون في عَهْدِهِ عسفه، وهذا ما لا يتّجه في كونه حجة خلاف.

والثانية: أن يقول: كُنَّا نفعل في عهده وهي دون ما قبلها، لاحتمال عودة الضَّمير في "كُنَّا" على طائفة مخصوصة، لا جميع النَّاس.

والثالثة: أن يقول: كان النَّاس يفعلون، ولا يصرح بعهد النَّبي ، وهذه دون الثانية من جهة عدم التَّصْريح بعهده ، وفوقها من جهة تصريحه بجميع النَّاس.

والأظهر: رُجْحَان تلك؛ لأن التَّقييد بعهده ظاهر في تقريره عليه.

وتقريره: تشريع سواء كان لواحد أم لجماعة، وغاية تلك أنها ظاهرة في نَقْلِ الإجماع، وفي نقل الإجماع بخبر الوَاحد خلاف، وبتقدير ثبوته هو إجماع في زمن النَّبي فلا يعتبر.

والرَّابعة: أن يقول: كنا نفعل أو كانوا يفعلون؛ مثل قول عائشة - رضي الله تعالى عنها -: "كانوا لا يَقْطَعُونَ فِي الشَّيء التَّافِهِ"، وهي دون الكل؛ ولذلك - والله أعلم - اقتصر المصنف على ذكرها هنا؛ لأنه إذا ثبت أنها حجّة، فما فوقها يثبت بطريق أوْلَى.

ومقتضى كلام القاضي في "التقريب": أنه لا يحتجّ بهذا اللَّفظ إلا إذا ظهرت إضافته إلى زمن النبي وإلى الإجماع.

"قالوا: لو كان" ظاهرًا في عمل الجماعة "لما شاعت المُخَالفة" فيه؛ لأَنَّ مخالفة الإجماع لا تجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>