وأراد بآية الحل: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [سورة المؤمنون: الآية ٦]، وآية التحريم: ﴿تَجْمَعُوا﴾ [سورة النساء: الآية ٢٣]، فحكم بالعموم على آية الحل مع أنها مسوقة للمدح.
"قالوا: سيق لقصد المُبَالغة في الحث أو الزجر"، وعادة العرب فيما هذا شأنه الإتيان بلفظ العموم مبالغة؛ "فلا [يلزم](١) التعميم".
"قلنا: التعميم أبلغ"، فيكون قصد المَدْح والذم دالًّا له، "وأيضًا لا تنافي بينهما" حتى يدلّ ثبوت أحدهما، وهو قصد المبالغة على نفي الآخر.
"فائدة"
مثل أبو عبد الله السهيلي للعامَّين اللَّذين سيق أحدهما للمدح دون الآخر بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [سورة المؤمنون: الآية ٥، ٦].
فإنه سيق للمدح، وهو يعم ملك اليمين، سواء الأخت وغيرها، فترجّح عليه قوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ [سورة النساء: الآية ٢٣]، وهو عام في الجمع بملك اليمين والنكاح.
ولقائل أن يقول: هذان لَفْظَان كلّ منهما عام من وجه، خاصّ من وجه.
ومثَّل الشيخ أبو حامد، وابن السمعاني وغيرهما من أئمتنا بقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ﴾ [سورة النساء: الآية ٢٣].
فإنها آية سيقت لبيان الأعيان المحرمات دون العدد مع قوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [سورة النساء: الآية ٣]، فإنه سيق للعدد، وهو يعم الأخت وغيرها، فيقضي بتلك؛ لأنها مسوقة لبيان المحرم، وكذلك يقضي بها على قوله: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [سورة المؤمنون: الآية ٦] وقوله تعالى: ﴿يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ [سورة التوبة: الآية ٣٤] لو استدلّ به مستدل على إيجاب الزكاة في الحُلِيّ المباح لانفصلتا عنه، فإنها مسوقة للذم مع معارضة أصل عدم الوجوب لها، فترجح.