للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّكلِيفِ، وَإجْمَاعُ الْمَدِينَةِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الدِّمَاءِ قَبْلَ

"البلوغ" - اشترطه الأكثرون - "لاحتمال كذبه (١)، لعلمه بعدم التكليف"، فإنه إذا عرف أنه غير مؤاخذ بالكذب، لم يَزَعْهُ عن ارتكابه وَازعٌ؛ ولأن الصَّحابة - رضي الله تعالى عنهم - لم يقبلوا إلا خبر بالغ؛ والنبي لم يجهز من رسله إلّا بالغًا.

وقد قلنا: إنّ المعتمد في ثبت خبر الواحد على هذين المسلكين، والذاهب إلى قَبُول خبر الصّبي [متجرّئ] (٢) على الإجماع قبله.

وذهب القاضي إلى أن المسألة ظنية - وخالفه إمام الحرمين إلى أنها قطعية.

وقول المصنّف: لعلمه بعدم التكليف يؤخذ منه اشْتِرَاط التَّكليف، فيخرج المجنون، ومن يَفِيقُ يومًا ويجنُّ يومًا، لا يقبل أن أثر الجنون في زمان إفاقته.

وأما "إجماعُ "المدينة" على قَبُول شَهَادَة الصِّبيان بعضهم على بعض في الدّماء قبل تفرقهم" فإنه عند ابن الحاجب "مستثنى لكثرة الجِنَايَةِ بينهم منفردين"، فمسّت الحاجة إلى ذلك، وابن الحاجب مالكي، فجرى في هذا على أصله، واحتاج إلى دعوى الاستثناء.

وأما نحن فلا موقع عندنا لهذا السؤال؛ لأنا لا نقبل شَهَادَةَ الصِّبيان أبدًا.

وما يقال: من إجماع أهل "المدين" لا أصل له.

ونظرت بعض كتب المالكية، فلم أجد فيها ادعاء إجماع "المدينة".

وغاية ما نقلوه عن عليّ ومُعَاوية، وعروة بن الزبير (٣)، وشريح، وعمر بن


(١) ينظر: البرهان ١/ ٦١٢، والمستصفى ١/ ١٥٦، والمعتمد ٢/ ٣٧٩، والإحكام ٢/ ٦٤، وأصول السرخسي ١/ ٣٤٦، وتيسير التحرير ٣/ ٤١، وفواتح الرحموت ٢/ ٣٩، والتمهيد للإسنوي (٣)، وحاشية البناني ٣/ ١٤٦، ونشر البنود ٢/ ٤٦، ومنتهى السول ٧٦، وشرح التنقيح (٣٥٨)، وشرح الكوكب ٢/ ٣٧٩، وإرشاد الفحول ٢/ ٣٧٩ والمختصر لابن اللحام (٨٤)، والإبهاج ٢/ ٣١١، وإحكام الفصول ٣٦٢.
(٢) في ح: مجترئ.
(٣) عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، أبو عبد الله المدني، أحد الفقهاء السبعة وأحد علماء التابعين، وقال الزهري: عروة بحر لا تدركه الدلاء، مات سنة اثنتين وتسعين، وقيل غير ذلك. ينظر ترجمته في: تهذيب الكمال ٢/ ٩٢٧، وتهذيب التهذيب ٧/ ١٨٠، (٣٥٧)، وتقريب التقريب ٢/ ١٩، وخلاصة تهذيب الكمال ٢/ ٢٢٦، والكاشف ٢/ ٢٦٢، وتاريخ=

<<  <  ج: ص:  >  >>