للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك دافعًا للتعاطف مع أبناء دينهم والقيام بنصرتهم.

على أن المماليك لم يقبلوا هذا التحدي السافر من المسيحيين، فقرروا طردهم من كل الوظائف التي يعملون بها، وطهروا تلك الوظائف منهم، وصدر مرسوم بذلك عام ٧٥٥ هـ. وسرعان ما تخمد هذه الفتن وتندحر، ويعود الأمر إلى ما كان عليه (١).

وأما الأقليات الأجنبية فقد كانوا جاليات مستقلة حسب جنسياتهم، وكانوا يقيمون في فنادق تغلق مساء كل يوم ووقت صلاة الجمعة، كما ضيق المماليك عليهم في اللباس وركوب الخيل (٢).

[المجتمع الشامي في عصر: سلطان المماليك]

ما كان المجتمع الشامي يختلف عن نظيره المصري في ذلك العصر، فقد كانوا مستضعفين يخضعون لنظام طبقي لا يرى أفضلية لغيره في قيادة مقاليد الأمور.

فقد كان المجتمع الشامي على طبقتين رئيسين هما: الطبقة الحاكمة، المسيطرة صاحبة النفوذ، وهم المماليك. والطبقة المحكومة، الخاضعة للسلطان، المغلوبة على أمرها، وهم أصحاب البلاد الأصليين من أهل الشام.

وأما أهل الشام الأصليون فقد انقسموا - بدورهم - إلى حضر يقطنون المدن الشامية، وبدو يرتحلون في عشائر تنتشر في بادية الشام، وكان على رأسهم "آل فضل" وهم من ربيعة، وقد امتدت منازلهم من حمص (٣) إلى قلعة جعبر (٤) إلى الرحبة، ويعني ذلك أنهم كانوا منتشرين على جانبي نهر الفرات بين العراق والشام (٥).

وقد حدث بينهم وبين المماليك خصومات بسبب مناصرة زعيمهم عيسى بن مهنا


(١) د. علي إبراهيم حسن: دراسات في تاريخ المماليك البحرية ص ٣٤٢.
(٢) يراجع في ذلك المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك ص ٥٤.
(٣) حمص: بالكسر، ثم السكون، والصاد المهملة: بلد مشهور كبير، في طرفه القبلي قلعة حصينة على تل عال كبير بين دمشق وحلب. مراصد الاطلاع ١/ ٤٢٥.
(٤) قلعة جَعْبَر: على الفرات بين بالس والرَّقة، قرب صفين، مراصد الاطلاع ١/ ٣٣٥.
(٥) القلقشندي: صبح الأعشى ٤/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>