للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للتتار أحيانًا، وأدى الأمر إلى أن طردهم السلطان الناصر محمد بن قلاوون، ثم عاد فعفا عنهم.

وقد كان هناك قبائل أكثر ولاءً لسلطان المماليك، منهم آل مرة في حوران، وآل علي في المرج والغوطة حول دمشق.

وقد حاول سلاطين المماليك استقطاب هذه العشائر البدوية، وضمها إلى النظام الإقطاعي، فأضفوا على زعمائهم ألقاب الإمارة، وأعطوهم إقطاعات في بلادهم، ثم ألزموهم بأمور يقومون بها منها: الولاء للدولة، وحراسة الطرق، والدروب الصحراوية وتقديم الرجال وقت الحرب (١).

لقد كان الشام بوتقة كبيرة، ضمت عناصر كثيرة مختلفة، فقد وجد إضافة إلى الشراذم العديدة من: الأكراد والأرمن والتركمان - عصبيات أخرى عديدة، بعضها مذهبي، والآخر ديني، وكان لها دور مؤثر في الأحداث التي شهدتها بلاد الشام.

[وأهم هذه العصبيات]

١ - الكسروانيون وهم من أهل جبال كسروان: وكانوا من النصيرية والعلويين والمتأولّة (٢)، وقد كان هؤلاء على عداء مع المماليك، ويحكى أن هؤلاء ناصروا الصليبيين بالشام أثناء حصار السلطان المنصور قلاوون لمدينة طرابلس سنة ١٢٧٩ م. مما أغضب قلاوون، فزحف المماليك عليهم فأدبوهم وكسروا شوكتهم. وتوالت النزاعات تباعًا بين هؤلاء الكسروانيين وسلاطين المماليك، حتى أدى ذلك إلى هلاكهم، فقد روى المقريزي أن الناصر قلاوون أقطع "جبال كسروان بعد فتحها" لبعض أمراء المماليك، فذهبوا إليها، "فزرعها لهم الجبلية، ورفعت أيدي الرافضة عنها" (٣).

٢ - التنوخيون: وهم بطون كثيرة قد اعتنقت مذهب "الدرزية"، وقد تفرقوا في بهات متفرقة من لبنان، وهم كالكسروانيين تأرجح ولاؤهم بين المسلمين والصليبيين، ومن أشهر عشائرهم جماعة "البحتريين" الذين غضب عليهم بيبرس، فحبس بعض زعمائهم زمانًا ثم أطلقهم.


(١) ينظر: د. سعيد عاشور: العصر المماليكي ص ٢١٥.
(٢) محمد كرد علي: خطط الشام ٢/ ١٢٦.
(٣) المقريزي: السلوك ٢/ ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>