وما زال بيبرس يتحسس أخبارهم حتى أرسل إليهم حملة قوية اجتاحت بلادهم، ثم ما زال معهم السلطان الناصر قلاوون يعاقبهم ويضطهدهم إلى أن عاد ولاؤهم إلى المماليك.
وقد كان هناك فريق آخر من التنوخيين، وهم الأرسلانيون، وكانوا بالقرب من بيروت، وكانوا على ولاء لدولة المماليك.
٣ - بنو معن: وكان ظهورهم في القرن الثاني عشر الميلادي، حين ندبهم أمراء السلاجقة لقتال الصليبيين على الساحل السوري، وقد أعطوا إقليم الشوف، وقد تحالفوا مع الشهابيين والتنوخيين.
٤ - الشهابيون الدروز: وكانوا يقيمون بوادي "التيم"، وشاركوا في قتال الصليبيين والتتار.
٥ - المتأولة: من غلاة الشيعة، وكانوا يقطنون شمال لبنان، وتنافسوا هم والشهابيون الدروز حول الزعامة على لبنان. أما موقفهم من المماليك، فقد تعرضوا لاضطهاد بسبب شذوذهم المذهبي.
٦ - النصيرية أو العلويون: وقد عاشوا في شبه عزلة في الشمال من جبل لبنان.
٧ - الإسماعيلية: وهم الباطنية أيضًا، وكان لهم قلاع عديدة، وقد قاموا بدور مشهور في تاريخ بلاد الشام، وقت عصر الحروب الصليبية، فلم يتورعوا عن اغتيال كثير من الشخصيات الإسلامية والصليبية على حد سواء. وموقفهم من المماليك ظاهر العداء، فلم يرض المماليك عن هذه الفرقة بسبب شذوذهم المذهبي من ناحية. لذلك فرض السلطان الظاهر بيبرس ضرائب باهظة على الهدايا التي اعتاد أن يبعث بها الصليبيون إلى شيخ الباطنية .. ثم بدأ بيبرس في استقطاع قلاع الإسماعيلية قلعة بعد أخرى حتى استولى عليها جميعًا، وعندئذ انتهى أمرهم ببلاد الشام، وأقطعهم السلطان بدلًا من قلاعهم الشامية بعض الجهات في مصر ليعيشوا فيها (١).
كان هذا وصفًا للحالة الاجتماعية لعصر السلاطين المماليك، في مصر والشام، واتضح مما تقدم مدى الاضطرابات والمعاناة التي كان المجتمع يقاسيها، في حين رأينا ما كان يعيشه السلاطين في قصورهم وأبراجهم العاجية المذهَّبة.
(١) انظر فيما سبق: د. سعيد عاشور: العصر المماليكي في مصر والشام ص ٢١٣ وما بعدها.