للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ:

النَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ لِوَصْفِهِ - كَذَلِكَ، خِلَافًا لِلأَكْثَرِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يُضَادُّ وُجُوبَ أَصْلِهِ، يَعْنِي: ظَاهِرًا، وَإِلَّا وَرَدَ نَهْيُ الْكَرَاهَةِ.

"مسألة"

الشرح: "النهي عن الشيء لوصفه" (١)؛ مثل تحريم الرِّبَا (٢) لاشتماله على الزيادة - "كذلك" أي: كالنهي عن الشَّيء لعينه في دلالته على الفَسَاد، "خلافًا للأكثر".

"وقال الشافعي ": النهي عن الشَّيء لوصفه "يضادّ وجوب أصله"، لا بين كون الشَّيء مَشْرُوعًا، وكون وصفه الذي لا ينفكّ عنه تضاد.


(١) ينظر: شرح الكوكب ٣/ ٩٢، وشرح العضد ٢/ ٩٨، والعدة ٢/ ٤٤١، وكشف الأسرار ١/ ٢٦٠، وأصول السرخسي ١/ ٨٠، والمنخول ٢٠٥، وجمع الجوامع ١/ ٣٩٤.
(٢) الربا حرام كله قليله وكثيره وهو من الكبائر بل من أكبرها حتى قيل: إنه لم يحل في شريعة قط، وربما استؤنس لهذا بقول الله تعالى في حق اليهود ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ﴾.
الدليل عليه: والدليل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧٥) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩)﴾.
ومعنى قوله تعالى: ﴿يَأْكُلُونَ الرِّبَا﴾ أي يتعاملون به، فالمراد بالأكل الأخذ؛ وإنما عبر به لأن الأكل أظهر مقاصده، فيكون المعنى الذين يُربون، "والتخبط" الضرب على غير استواء "والمس" الجنون "والمحق" الاستئصال والهلاك، وقيل: المراد به ذهاب البركة. ووجه الدلالة واضح مما يأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>