للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


أولا: صريح قوله تعالى: ﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ فَإِنَّهُ إخبار منه تعالى بأن الربا محرم عنده، فإذا كان هذا الخبر مرادًا به النهي عنه كان أبلغ في الدلالة على التحريم من صريح النهي.
ثانيًا: ما اقترن به هذا من الوعيد الشديد، فقد ذكرت الآيات عقوبات خمسة لآكل الربا هي:
١ - التخبط عند قيامهم في الدنيا أو في الآخرة كالذي يتخبطه الشيطان من المس. أما في الدنيا فيظهر ذلك في سيرهم المختل، فيسلكون سبيل المجانين بسبب ما عندهم من الشره بجمع المال، فلا يكاد يشك من يراهم في أنّ عندهم خبلًا. فبهذا قال بعض المفسرين. وأما في الآخرة فقد قيل: تنتفخ بطنه يوم القيامة بحيث لا تحمله قدماه وكلما رام النهوض سقط فيكون بمنزلة الذي أصابه مس من الشيطان، فيصير كالمصروع.
٢ - الخلود في النار، وذلك لا يكون إلا عن كبيرة من الكبائر تقرب من الكفر حتى كأنها الكفر بذاته، وفي ذلك من التهويل ما لا يخفى.
٣ - المحق، قال الله تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾ والمراد به الهلاك والاستئصال أو ذهاب البركة والاستمتاع كما تقدم حتى لا ينتفع به هو وولده من بعده، بحيث لو فرض أنه أنفقه في أوجه الخير كان مردودًا عليه فلا يعود عليه بثواب ولا لذة على الجملة فالربا وإن كثر فإلى قُلّ يصير.
٤ - الكفر، يشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ وقوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ فَإِن فيهما إشارة إلى أن المصر عليه عرضة لأن يطبع على قلبه حتى يسلب الإيمان رأس النعم ومصدر الخير.
٥ - الحرب. قال تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ وفي هذا إعلام بأن جريمة الربا من أعظم الجرائم التي تستوجب محاربة الله ورسوله. وقالت ثقيف:
لا قبل لنا بحرب الله ﷿ وتركوا الربا؛ هذا فضلًا عما أشار إليه قوله تعالى: ﴿لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ من تسجيل الظلم على من تقاضى أكثر مما أعطى. وأما السنة فما روى في البخاري ومسلم أن رسول الله قال: "اجْتَنبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هِي؟ قال: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، والسِّحر، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ" وما رويا أيضًا عن النبيّ أنه لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه، فعده من الموبقات المحبطات للعمل التي أمر باجتنابها بجعله من الكبائر، كما أنه لعن فاعله والمعاون عليه بكتابة أو شهادة، وفيه من تفظيع جريمته ما هو كفيل بعدم قربانه.
وأما الإجماع، فقد أجمعت الأمة سلفًا وخلفًا على أن الربا محرم، ولم يوجد مخالف لهذا الإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>