للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتيقِظَ، وَعَن المَجْنُونِ حَتَّى [يفِيقَ (١)] (٢)؛ لأن حالة البلوغ، والإفاقة، والاستيقاظ: خارجة عن الصَّبِيِّ، والمجنون، والنائم، ولو لم تذكر الغايات (٣) المذكورة لم يشملها، وإنما يقصد بالغايات في مثل هذا تأكيد العموم السَّابق، فإذن الغاية ترد لتأكيد العموم كما ترد لتخصيص العموم.

نبه عليه أبى - قَدّس الله روحه - قال: ومنه قوله تعالى: ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [سورة القدر: الآية ٥]، فطلوعه وزمن طلوعه لَيْسَا من الليل حتى يشملهما قوله: ﴿سَلَامٌ هِيَ﴾ قال:

وربما قصد بها ارتفاع ذلك الحكم عند الغاية؛ فإنه لو اقتصر على قوله: "رفع القلم عن الصبي" شمل حالة الصِّبَا، ولم يتعرض لحالة البلوغ؛ بنفي ولا إثبات، فلما قال: "حتى يبلغ" فُهِمَ إثبات التكليف قب حالة البلوغ عند القائلين بالمفهوم.

قلت: وقد يقال: إنَّ المفهوم ثابت في لفظ "الصبي"؛ فإنه مشعر بأن العلة الصبا، ولكن تأتي الغاية لتأكيد هذا الفَهْم، واجتماعُ مفهومين حسن.

وقال في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [سورة البقرة: الآية ١٨٧]: أنه يحتمل أن يكون مثل قوله: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ﴾ [سورة النوبة: الآية ٢٩]؛ فإن الصيام لعله يشمل الليل والنهار، فخص هذا العموم بقوله: ﴿إِلَى اللَّيْلِ﴾، والظاهر أنه مثل قوله: ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾؛ فإن الصيام شرعًا لا يكون إلّا نهارًا.

وأيضًا عموم قوله: ﴿أَتِمُّوا الصِّيَامَ﴾ إنما هو في أفراد الصيام، أي: أتموا كلّ صيام، ولا تعرض فيه للوقت.

"فائدتان"

الأولى: الغايات ثلاث:

إحداها: غاية تقدمها عموم يشملها لو لم يُؤت بها، وهي التي تخصص.


(١) في أ: يعتق
(٢) أخرجه أبو داود (٤٤٠١)، والحاكم (١/ ٢٥٨)، وابن حبان (١٤٩٧ - موارد) من طريق أبي ظبيان عن علي مرفوعًا.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
(٣) على أن الغاية تأتي لتأكيد العموم.

<<  <  ج: ص:  >  >>