للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنَّ المستَقْرئَ للشريعة الإسْلاميَّة قرآنًا وسُنَّة يجد أن تأسيسَ المَنَاهِج الأصوليَّة قد تمَّ في عَصْر الرَّسُولِ ، وبعد أن ارتحل إلى جِوَارِ رَبِّه طبَّق الصَّحابة - رضي الله تعالى عَنْهُم - ما تَعَلَّمُوا مِنْه مِنْ قَوَاعِدَ أصوليَّةٍ، ثمَّ بَعْدَ ذلك تلاحقَتِ الأزمانُ حتَّى عَصْر الشَّافعيِّ، ولقد تنوَّعتِ الآراء، وتعدَّدتْ حول واضِعِ عِلْم أُصُول الفِفْه، ونحن نذكر خلافَهُم على سَبِيلِ الإجْمَال لا الحَصْر.

اخْتِلافُ الْعُلَمَاءِ حَوْلَ وَاضِعِ عِلْمِ الأُصُولِ:

يرَى الجُمْهُورُ من أهْل الفِقْه والأُصُول أن الإمام الشافعيَّ هو أولُ من دوَّنَ "أُصُولَ الفِقْه".

ونرجئُ الكلام حَوْل الإمام الشَّافعيِّ باعتباره واضِعًا لقواعِدِ الاسْتِنْبَاط التي هي مدارُ عِلْم أُصُول الفِقْه - بعد التعرُّض لاختلاف العلماء حَوْل واضِعِ عِلْم أُصُول الفِقْه.

أوَّلًا: الإمَامُ مُحَمَّدٌ البَاقِرُ:

هو: محمدُ بنُ عليٍّ زين العابِدِينَ بْن الحُسَيْن الطالبيُّ الهاشميُّ القرشيّ، أبو جَعْفَرٍ الباقرُ: خامس الأئمَّة الاثْنَيْ عَشَرَ عِنْد الإماميَّة. كان ناسكًا عابدًا، له في العِلْم وتفسير القُرْآن آراءٌ وأقوالٌ وُلدَ بالمدينة عام ٥٧ هـ، وتُوُفِّيَ بـ "الحميمَةِ" عام ١١٤ هـ، ودُفِنَ بـ "المدينة" (١). وابنه جعفرُ بنُ محمَّد الملقَّبُ بـ "الصادق" سادسُ الأئمَّة الاثْنَيْ عَشَرَ عِنْد الإماميَّة، ولُقِّبَ بـ "الصَّادِق"؛ لأنَّه لَم يُعْرَف بالكذِبِ قطّ، ولد سنة ٨٠ هـ، وتوفي سنة ١٤٨ هـ بـ "المدينة".

قال آيةُ الله السَّيِّدُ حسَنُ الصَّدْر: أعْلَمْ أن أوَّل مَنْ وضَع أُصُولَ الفِقْهِ وفتَح بَابَه، وأوْضَح مسائِلَهُ الإمامُ أبو جَعْفرٍ محمَّدٌ الباقر، ثم مِنْ بَعْده ابنُهُ الإمَامُ أبو عبْدِ اللَّهِ الصَّادق، وقد أمْلَيا على أصحابِهِما قواعِدَه، وجمَعُوا من ذلك مسائِلَ رتَّبَها المتأخِّرون على ترْتيب المصنِّفين برواياتٍ مسْنَدةٍ إلَيْهما، مُتَّصِلَةِ الإسنادِ، وكُتُبُ مسائلِ الفِقْهِ المرويّهِ عَنْهُما بأيدينا


(١) ينظر: تهذيب التهذيب ٩/ ٣٥٠، وصفة الصفوة ٢/ ٦٠، وحلية الأولياء ٣/ ١٨٠، والأعلام ٦/ ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>