للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْألةٌ:

لا يَجْرِي الْقِيَاسُ فِي جَمِيعِ الأحْكَامِ.

لنَا: ثَبَتَ مَا لا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ؛ كَالدِّيَةِ، وَالْقِيَاسُ فَرْعُ الْمَعْنَى.

وَأَيْضًا: قَدْ تَبَيَّنَ امْتِنَاعُهُ فِي الأسْبَابِ وَالشُّرُوطِ.

قَالُوا: مُتَمَاثِلةٌ، فَيَجِبُ تَسَاوِيهَا فِي الْجَائِزِ.

قُلْنَا: قَدْ يَمْتَنِعُ أَوْ يَجُوزُ فِي بَعْضِ النَّوع لأِمْرٍ، بِخِلافِ الْمُشْتَرِكِ بَيْنَهُما.

«مسألة»

الشرح: "لا يجرى القياس في جميع الأحكام" خلافًا لشذوذ (١).

"لنا: ثبت ما لا يعقل معناه، كالدِّية" في الخطأ وشبه العَمْد على العاقلة، "والقياس فرع المعنى".


(١) اختلف العلماء في جواز ثبوت جميع الأحكام الشرعية بالقياس، فذهب قوم إلى أنه لا يجوز ثبوتها بالقياس؛ لأن منها ما لا يدرك معناه، كوجوب الدية على العاقلة، وجريان القياس في مثله متعذر؛ لأن القياس فرع تعقل المعنى المعلل به الحكم في الأصل، وقيل: يجوز ثبوتها بالقياس على معنى أن كلًّا من الأحكام صالح لأن يثبت بالقياس. هذا هو مراد القائل بجواز القياس في كل الأحكام لا أن الأحكام جميعها يجوز أن تكون ثابتة بالقياس بحيث يجتمع جميعها في ثبوتها به، إذ لا يصح ذلك؛ لأنه لا بد في كل قياس من أصل مقيس عليه يثبت حكمه بغير القياس، فلا يتصور جريان القياس في الكل؛ لخروج الأصول المقيس عليها، ووجوب الدية على العاقلة له معنى يدرك، وهو إعانة الجاني فيما هو معذور فيه، كما يعان الغارم لإصلاح ذات البَيْن بما يصرف إليه من الزكاة، والذي يظهر من كلام الفريقين أنه لا خلاف في الحقيقة، وإنما الخلاف لفظي؛ لأن الأول ينفي جريان القياس في كل الأحكام بالفعل بناء على أن منها ما لا يدرك معناه.
والثاني جوز القياس فيها بمعنى أن كل حكم صالح لأن يثبت بالقياس بأن يدرك معناه فإذا أدرك معناه، جاز أن يثبت بالقياس؛ لأن القياس فرع تعقل المعنى بناء على رأي الجمهور: أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>