(٢) من العلماء من جعل الحقائق الشرعية تشمل الصحيح والفاسد، ومنهم من خصها بالصحيح دون الفاسد، كما أن منهم من يقول إن كل مجتهد في الفروع مصيب، ومنهم من يقول: إن المصيب عند الاختلاف واحد، ويسمى الفريق الأول بالمصوّبة، والثاني بالمخطئة، ولهاتين المسألتين الخلافيتين أثرهما في تعريف القياس. فإما أن يراد تعريفه على رأي المصوبة مع اختصاصه بالصحيح أو شموله للفاسد، أو على رأي المخطئة كذلك، فهذه صور أربع لا بد من النظر إلى التعريف بناء عليها: "الصورة الأولى" أن يراد تعريف القياس على رأي المصوبة مع اختصاصه بالصحيح، وفي هذه الصورة يكفي التعريف السابق ولا يحتاج إلى زيادة قيد "في نظر المجتهد" وذلك لأن المصوبة يعتقدون أن المساواة التي أدى إليها نظر كل مجتهد هي المساواة في الواقع؛ إذ ليس لله تعالى في كل مسألة حكم معين قد يصيبه المجتهد وقد يخطئه، فالناظر إلى تعريف القياس السابق إن فهم المساواة في الواقع لم يضر لأنها ملازمة للمساواة في نظر المجتهد؛ إذ لا واقع سواه عندهم. هذا ما يؤخذ من مسلم الثبوت خلافًا لما في "المختصر" و"التحرير" من لزوم زيادة القيد المذكور في هذه الصورة. ووجه ذلك صاحب التحرير وشارحه "بأن إطلاق المساواة يتبادر منه المساواة في نفس الأمر وافقت نظر المجتهد أولا، وليس لدى المصوبة مساواة في نفس الأمر أصلًا، فيصير الإطلاق كقيد مخرج لجميع أفراد المحدود؛ فيكون التعريف باطلًا" اهـ. "وفيه عندي نظر" فإن المصوبة يقولون: إن كل مجتهد مصيب، ولا معنى للإصابة إلا موافقة الواقع فهم لا ينفون وجود حكم في نفس الأمر، وإنما ينفون وحدة الحكم وتعينه في نفس الأمر، ويقولون: إن الحكم في نفسه متعدد بتعدد الآراء، لكنهم اختلفوا أهذا الحكم أزلي أم =