وبهذا تبين أته لا حاجة إلى زيادة هذا القيد على رأي المصوبة في هذه الصورة، بل لا تصح زيادته؛ لأنه يشمل النظر الصحيح والفاسد، فإذا زيد في التعريف شمل القياس الفاسد مع أن الفرض في هذه الصورة تخصيصه بالصحيح. "الصورة الثانية": أن يراد تعريف القياس على رأي المصوبة مع شموله للفاسد، وهنا يقال: كيف يتصور أن يكون لدى المصوبة قياس فاسد مع أنهم يقولون: إن كل مجتهد مصيب؟. "ويمكن الجواب" بأن القياس الذي يسوقه المجتهد للإلزام مثلًا وهو لا يعتقد صحته فاسد عندهم لأنهم إنما يصوبون ما اعتقد المجتهد صحته يقينًا أو ظنًّا، فإن أريد التعريف الشامل لهذا لم يكف التعريف السابق؛ لأنه يتبادر منه المساواة في الواقع، وهي إنما توافق نظر المجتهد الذي يعتقد صحته فقط، فلا بد أن يزاد قيد "في نظر المجتهد" فإنه يشمل النظر الذي يعتقد صحته والذي لا يعتقد صحته، فإذا قيدت به المساواة شملت المساواة الموافقة للواقع والمخالفة له؛ فصح أن يعرف بها القياس الشامل للصحيح والفاسد. "الصورة الثالثة": أن يراد تعريف القياس على رأي المخطئة مع اختصاصه بالصحيح، وهذا قيل فيه: إنه يكفي فيه التعريف السابق من غير ملاحظة القيد المذكور؛ لأن المساواة متى أطلقت انصرفت للمساواة في الواقع؛ فيخرج القياس الفاسد الذي ظهر للمجتهد فساده، أما القياس الفاسد الذي لم يظهر للمجتهد فساده فمن العلماء من أخرجه أيضًا؛ لأنه غير مطابق للواقع، ومنهم من جعل التعريف شاملًا له؛ بناء على أن المراد "المساواة في الواقع حقيقة أو حكمًا" وهذا الذي لم يظهر فساده مساوٍ في الواقع حكمًا. "والذي أراه" أنه يجب شمول التعريف للفاسد الذي لم يظهر فساده؛ وذلك لأمرين: "أحدهما": أن الفاسد الذي لم يظهر فساده معمول به عند من يعمل بالقياس، ومنكر عند من ينكره، فحجيته موضع نزاع عند الفريقين؛ فينبغي شمول التعريف له؛ لأن المقصود تعريف القياس الذي يتنازع الفريقان في حجيته ولو في الجملة. =