للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّظَرُ: الْفِكْرُ الَّذِي يُطْلَبُ بِهِ عِلْمٌ، أَوْ ظَنٌّ.

للمحكوم عليه؛ أي: المطلوبُ الخبريُّ لا بُدَّ أن يكون في الدليل ما يوجب العلمَ؛ أو الظنَّ به، وذلك الأمر يسمى الوسط، وَالوسطُ لا بد أن يكون "حاصلًا للمحكوم عليه"؛ فتحصل الصغرى، والمحكوم به حاصلًا أو مسكوتًا عنه، أو الوسط مسكوتًا عَنْـ[ـهُ في] المحكوم به، فتحصل الكبرى؛ "فمن ثَمَّ وجبت المقدّمتان".

الشرح: "والنَّظر (١): الفكر (٢) الذي يطلب به علم، أو ظن":

وخرج بقولنا: "الذي يطلب به علم، أو ظن" - الفكر لا لذلك؛ كأكثر حديث النفس؛ فلا يسمى نظرًا.

وهذا قريب من قول القاضي في "التقريب": فكرةُ القَلْب وتأمّله المطلوبَ به عِلْم هذه الأمورِ، يعني: عن الحق والباطل، أو غلبةُ الظن ببعضها.

وعبارة "مختصر التقريب"؛ لإمام الحرمين: الفكر الذي يطلب به معرفة الحق والباطل؛ في انتفاء العلوم، وغلبةِ الظنون (٣).

وقيل عبارات أُخَر، لا نطيل بذكرها (٤).


= بـ"قوت"، وكل ربوي مقتات، وفي نحو: لو كان الملح ربويًا لكان مقتاتًا، وليس فليس؟
قلنا: مهما جعلنا المطلوب والوسط هما النفي والإثبات يزول هذا الوهم. وتقريره في المثالين أن نفي الاقتيات حاصل له، وششلزم نفي الربوية، وفي الثاني كذلك، وستراه يُرجع الجميعَ إلى أمر واحد، وهو الشكل الأول؛ فيتحقق بذلك أن نظره إلى ما ذكرت. ينظر شرح المقدمة (٧) خ.
(١) النظر لغة: الانتظار وتقليب الحدقة نحو: المرئي والرحمة والتأمل، ويتميز بالمعدي من حروف الجر. البحر المحيط ١/ ٤٢.
(٢) الفكر: هو انتقال النفس في المعاني انتقالًا بالقصد، وذلك قد يكون لطلب علم أو ظنٍّ، فيسمى نظرًا، وقد لا يكون كذلك كأكثر حديث النفس، فلا يسمى نظرًا، وبهذا صرح إمام الحرمين في "الشامل"، وقول الآمدي: مراده أن النظر هو الفكر، ثم يفسره بأنه الذي يطلب علم أو ظنّ بعيد. أفاده في شرح المقدمة (٧) خ.
(٣) ينظر: التعريفات للجرجاني (٢٤١)، وإرشاد الفحول للشوكاني ص ٥، والعدة لأبي يعلى ١/ ١٨٣، ونشر البنود ١/ ١٥٩.
(٤) قال الرُّوياني في "البحر": والفرق بين الجدال والنظر وجهان: أحدهما: أن النظر: طلب الثواب، والجدال: نصرة القول. والثاني: النظر: الفكر بالقلب والعقل، والجدال: الاحتجاج باللسان.
ينظر: البحر المحيط في أصول الفقه ١/ ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>