للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: يَسْتَلْزِمُ لِنَفْسِهِ؛ فَتَخْرُجُ الْأَمَارَة، وَلَا بُدَّ مِنْ مُسْتَلْزِمٍ لِلْمَطْلُوبِ، حَاصِلٍ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ؛ فَمِنْ ثَمَّ وَجَبَتْ مُقَدِّمَتَانِ.

القَائِمِ، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، والمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ من السَّاعِي … " (١).

فهذه ثلاث مقالات تنتج (٢): "القاعد فيها خير من السَّاعي".

"وقيل" بدل "يكون عنه": "يستلزم لنفسه" قولًا آخر، "فتخرج الأمارة"؛ فإنها لا تستلزم لنفسها قولًا آخر؛ إذ ليس بينها وبين ما تفيده (٣) ربطٌ عقليٌّ، يقتضي لزوم القول الآخَر عنهما.

ثم سواء أكان الاستلزام بيِّنًا أم غيره، فيتناول الأشكال الأربعة، والقياس الاستثنائي.

ويخرج عنه بقولنا: "لنفسه" - قياس المساواة، مثل: "أ" مساوٍ لـ"ب"، و"ب" مساوٍ لـ"ج فإنَّه يلزمه: "أ" مساوٍ لـ"ج"، ولكن لا لنفسه؛ بل بواسطة مقدمة أجنبية؛ أي: مقدمة غير لازمة لإحدى مقدمتي القياس، وهو قولنا: كل ما هو مساوٍ لـ"ب" مساوٍ لـ"ج"؛ وكذا أخرج عنه القول المؤلَّف من قولين، المستلزمُ لمقول آخر؛ بواسطة عكس نقيض إحدى مقدمتيه؛ كقولنا: جزء الجوهر يوجب ارتفاعُه ارتفأعَ الجوهر، وما ليس بجوهر لا يوجب ارتفاعُه ارتفاعَ الجوهر؛ فإنَّه يستلزم قولنا: جزء الجوهر جوهر، ولكن لا لنفسه؛ بل بواسطة عكس نقيض المقدمة الثانية؛ وهو قولنا: وما يوجب ارتفاعه ارتفاع الجوهر، وهو (٤) جوهر.

"ولا بد" في الدَّليل "من مستلزِم للمطلوب" (٥)؛ وإلَّا لم ينتقلِ الذهن منه إلى (٦)، حاصلٍ


(١) متفق عليه من حديث أبي هريرة : أخرجه البخاري في الصحيح ٦/ ٦١٢، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، الحديث ٣٦٠١، وفي ١٣/ ٢٩ - ٣٠، كتاب الفتن، باب تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، الحديث ٧٠٨١ و ٧٠٨٢، ومسلم في الصحيح ٤/ ٢٢١٢، كتاب الفتن، باب نزول الفتن كمواقع القطر، الحديث ١٠/ ٢٨٨٦، قوله: "من تشرف لها؛ أي تطلع لها بأن يتصدى ويتعرض لها ولا يعرض عنها وقوله: "تستشرفه" أي تهلكه بأن يشرف منها على الهلاك، الحافظ ابن حجر، فتح الباري ٣/ ٣١.
(٢) في أ، ج، ح: ينتج.
(٣) في أ، ح: يفيده.
(٤) في أ، ج، ح: فهو.
(٥) في أ، ت، ح: المطلوب.
(٦) لا بُدَّ في الدليل من مستلزم للمطلوب، وإلَّا لم ينتقل الذهن منه إليه، ولا بُدَّ في ثبوته للمحكوم عليه؛ ليكون الحاصل خبريًّا لا تصوريًّا، فلذلك وجبت فيه المقدمتان؛ لينبئ إحداهما عن اللزوم، وأخراهما عن ثبوت الملزوم.
فإن قلت: الله مختصّ فيما أرى ببعض الدلائل، وإلَّا فما تقريره في نحو: لا شيء في الملح =

<<  <  ج: ص:  >  >>