للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا: رُجْحَانُ ضَبْطِهِ عَلَى سَهْوِهِ لِعَدَمِ حُصُولِ الظَّنِّ.

وَمِنْهَا الْعَدَالَةُ وَهِيَ مُحَافَظَةٌ دِينيةٌ تَحْمِلُ عَلَى مُلازَمَةِ التَّقْوَى …

الشرح: "ومنها: رجحان ضبطه على سَهْو؛ لعدم حُصُول الظَّن" بصدقه، إذا لم يترجّح جانب ضبطه (١).

الشرح: "ومنها: العَدَالَة (٢)، وهي محافظة دينيّة تحمل على مُلازمة التقوى،


(١) هذا أحد الشروط المعتبرة، وهو أن يكون ضبط الراوي لما سمعه أرجح من سهوه؛ لعدم حصول الظن بصدقه على تقدير رجحان السهو على الضبط بكون التصديق مرجوحًا حينئذ، وكذلك على تقدير تعادلهما ضرورة التساوي، فأن جهل حال الراوي في ذلك كان الاعتماد على الأغلب من حال الراوي، وإن لم يعلم الأغلب فلا بد من الامتحان والاعتبار.
لا يقال: الظاهر من العاقل العدل أنه لا يروى إلا ما يذكره، وإن غلب السهو على الضبط أو لا، ولذلك فإن الصحابة مع إنكارهم على أبي هريرة كثرة روايته لعدم الضبط واختلاله حتى قالت عائشة في حديث المهراس: رحم الله أبا هريرة كان رجلًا مهذارًا - قبلوا أخباره لما كان الظاهر منه أنه لا يروى إلا ما يذكره؛ ولأن الخبر دليل، والأصل فيه الصحة، فلا يترك للاحتمال كشك الحدث بعد الطهارة.
لأنا نقول عن الأول: لا نسلم أن الظاهر من حاله ما ذكرتم لكن لغلبته يظن أن ما يذكره هو من النبي ، ولا يكون كذلك، فلا يحصل الظن بصحة روايته.
وعن الثاني: أن إنكار الصحابة على أبي هريرة ما كان لاختلال ضبطه، بل لأن الإكثار مما لا يؤمن معه اختلال الضبط الذي لا يعرض لمن قلت روايته.
وعن الثالث: أن الخبر إنما يكون دليلًا لو كان متغلبًا على الظن، ومع عدم ترجيح ذكر الراوي على نسيانه لا يكون مغلبًا، ولا دليلًا.
وهذا بخلاف شك الطهارة، فإن سبق الطهارة يرجحها، حتى لو انفرد الشك عن سبق الطهارة لم يحكم بها. ينظر الشيرازي.
(٢) المراد بالعدالة هنا عدل الرواية، والراوي العدل. هو المسلم البالغ العاقل السليم من ارتكاب كبيرة. أو إصرار على صغيرة، وبما يخل بالمروءة كالأكل في السوق والمشي حافيًا، أو عاري الرأس والتبول في الطريق العام، واللعب مع الصبيان. وهذا الشرط لا بد منه عند الأداء للحديث أما عند التحمل فلا يشترط. وخرج بهذا الشرط الفاسق والمجهول عينًا أو حالًا؛ لانتفاء العدالة في هؤلاء. وتثبت العدالة بالاستفاضة وشهرة صاحبها بالصلاح والخير والثناء الجميل بحيث يعرف بالتوثيق، والاحتجاج به لدى أهل العلم الذين يعرفونه بالثقة والأمانة،=

<<  <  ج: ص:  >  >>