وتوسع ابن عبد البر الحافظ في هذا فقال: كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل محمول في أمره أبدًا على العدالة حتى يتبين جرحه؛ لقوله ﷺ: "يجعل هذا العلم من كل خلف عدوله .. " وفيما قاله اتساع غير مرضى اهـ. والحقيقة أن من استفاضت شهرته بالعدالة والتوثيق، والصلاح والأمانة ثبتت عدالته دون أن يسأل عنه. وقد سئل ابن حنبل عن إسحاق بن راهويه فقال: مثل إسحاق يسأل عنه؟ وسئل ابن معين عن أبي عبيد، فقال: مثلي يسأل عن أبي عبيد؟ أبو عبيد يسأل عن الناس. أما من ليس له هذه الشهرة بالعدالة والرضا، فيحتاج في ثبوت عدالته إلى تعديل أئمة الحديث له، أو اثنين منهم، أو واحد على الصحيح. قال القاضي أبو بكر الباقلاني: الشاهد والمخبر إنما يحتاجان إلى التزكية إذا لم يكونا مشهورين بالعدالة والرضا، وكان أمرهما مشكلًا ملتبسًا ومجوزًا فيهما العدالة وغيرها. وإلا فلا … والدليل على ذلك أن العلم بظهور سيرهما وإشتهار عدالتهما أقوى في النفوس من تعديل واحد واثنين يجوز عليهما الكذب والمحاباة. ينظر: البحر المحيط للزركشي ٤/ ٢٧٣، والبرهان لإمام الحرمين ١/ ٦١١، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ٢/ ٦٨، والتمهيد للإسنوي ٤٤٦، ونهاية السول له ٣/ ١٢٩، وغاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ٩٩، والتحصيل من المحصول للأرموي ٢/ ١٣٢، والمستصفى للغزالي ١/ ١٥٧، وحاشية البناني ٢/ ١٤٨، وحاشية العطار على جمع الجوامع ٢/ ١٧٤، والمعتمد لأبي الحسين ٢/ ١٣٣، وإحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي ٣٦٢، والتحرير لابن الهمام ٣١٧، وتيسير التحرير لأمير بادشاه ٣/ ٤٩، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج ٢/ ٢٤٧. (١) هذا الشرط دليل اشتراطه الإجماع، لا أنه التثبت على ما قيل؛ لأن انتفاء الفسق لا يستلزم العدالة بالتفسير المذكور، اللهم إلا إذا فسر الفسق بمقابلات ما فسر به العدالة. وأما معناه فهو في اللغة عبارة عن التوسط في الأمور من غير إفراط إلى طرفي الزيادة والنقصان، ومنه قوله عز=