للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ: دَلَّتْ عَلَى الصِّدْقِ اعْتِقَادًا. وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْمَعَاصِي، فَالْإِجْمَاعُ عَلَى عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ الْخِسَّةِ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى جَوَازِ غَيْرِهِمَا.

فِعْلُ النَّبِيِّ -

مَسْأَلَةٌ:

فِعْلُهُ مَا وَضَحَ فِيهِ أَمْرُ الْجِبِلَّةِ، كَالْقِيَامِ، وَالْقُعُودِ، وَألْأَكْلِ،

وهو أيضًا مكروه للشارع، وإنما لم يؤاخذ عليه لعذر الغَفْلة، ورتبتهم أجَلّ من الإقدام على مكروه الباري ، وهو أيضًا ربما سمي بالحَرَامِ.

وكذا اختلف أصحابنا في وَطْء الشبهة، هل يوصف بالحلال أو الحرمة أو لا يوصف بواحد منهما؟ وهو أرفع مقادير من فعل ما يوصف، ويسمى بالحَرَامِ.

فإن قلت: فهل يمنعون النِّسْيَان لأنه نقص؟

قلت: قد منعه من أصحابنا الأستاذ أبو إسحاق أيضًا، وفي الحديث الصحيح: "إنِّي لَا أَنْسَى وَلكِنْ مِمَّنْ أَنْسَى".

وادَّعى الإمام في "المحصول" (١): الاتفاق على جواز السَّهو والنسيان - وهي دعوى ممنوعة؛ لما حكيناه عن الأستاذ، ثم الفرق بين النِّسْيَان وغيره على تَقْدِير تجويز النِّسْيَان - أن النِّسْيَان طبيعةٌ بشرية لا تستلزم نقصًا في البشر.

فإن قلت: فالحنفية يجوزون الزلَّة مع منعهم الصَّغيرة، فماذا ترون؟

قلت: منعهما جميعًا إن صدق تغايرهما، وإلا فنحن لا نعني بالزلَّة إلا الصغيرة وهم يفسرونها بما لا [نوافقهم] (٢)؛ عليه، لأنهم يجنحون إلى أن الحل والحرمة من صفات الأعيان.

"مسألة"

الشرح: "فعله " (٣) لا يكون محرمًا - كما عرفت - ولا مكروهًا؛ لِنُدْرَةِ صدور المكروه


(١) ينظر: المحصول ١/ ٣/ ٣٤٣.
(٢) في ت، ح: يوافقهم.
(٣) ينظر: البرهان لإمام الحرمين ١/ ٣٨٣، والبحر المحيط للزركشي ٤/ ١٦٩، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ١/ ١٥٨، وسلاسل الذهب للزركشي ص ٣١٦، والتمهيد للأسنوي ص ٤١٩، ونهاية السول له ٣/ ٦٤، وزوائد الأصول له ص ٣١٩، ومنهاج العقول للبدخشي ص ٢٧٠،=

<<  <  ج: ص:  >  >>