للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ:

النَّهْيُ يَقْتَضِي الدَّوَامَ ظَاهِرًا.

"و "أيضًا: "طلاق الحائض، وذبح ملك الغير معتبر"؛ إذ يقع عليها الطلاق مع كونه محرمًا، ويحل أكل الذبيحة، وإن كان الذبح صادرًا بغير إذن المالك، وكلّ منهما منهى عنه بوصف.

"وأجيب: بأنه" - أي: النهي - "ظاهر فيه" - أي: في الفَسَاد - لا قطعي فجازت مخالفته لدليل، "وما خُولِفَ" فيه من الصُّور، "فبدليل صرف النهي عنه" - أي: عن الأصل.

واعلم أن معتمدنا في دلالة النَّهْي على الفساد، ما صَحّ، وثبت من قوله : "مَنْ أَدْخَلَ فِي دِينِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدّ" (١)، والمنهي عنه ليس بداخل في الدين، فيكون مردودًا باطلًا، وأن النهي للتحريم، والتحريم ينافي كون الشيء مشروعًا، فهذه إشارة إلى معتمدنا، وتقرير ذلك في المبسوطات.

"مسألة"

الشرح: "النهي يقتضي الدوام ظاهرًا"، فيحمل عليه ما لم يصرفه عنه دليل.

ومنهم من يعبر عن هذا بأن النهي يقتضي التَّكْرار (٢).

وقد زعم ابن بَرْهَان. انعقاد الإجماع على هذا.

وجزم به الشيخ أبو إسحاق.

وخالف الإمام الرازي فقال: إنه كالأمر في التَّكْرار، فلا يقتضيه ظاهرًا.

مع أن كلامه في مسألة أن الأمر هل هو للفور - يوهم الاتفاق على أنه للتَّكْرَار؟.

وأنا أوافق القائلين بالتكرار في المَعْنى دون العبارة، فأقول: إذا قلت مثلًا: لا تضرب، فلا ريب في أنك مانع من إدخال هذه الماهية في الوجود، وإنما يحصل ذلك بالامتناع عن إدخال كل الأفراد، ولا يتحقق الامْتِثَالُ إِلا بالامتناع عن الكل، فالتكرار من لوازم الامتثال، لا من اللفظ.


(١) أخرجه البخاري ١٣/ ٢٦٣ كتاب الاعتصام: باب الاقتداء بسنة رسول الله (٧٢٧٧).
(٢) ينظر: الإحكام ٢/ ١٨٠، والمحصول (١/ ٢/ ٤٧٠)، وشرح العضد ٢/ ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>