مَسْألَةٌ:
يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ، كالعِدَّتَيْنِ، وَالْمُتَوَاتِر بالْمُتَوَاتِرِ وَالآحَادِ بِالآحَادِ، وَالآحَادِ بِالمُتَوَاتِرِ، وَأَمَّا نَسْخُ المُتَوَاتِرِ بِالآحَادِ فَنَفَاهُ الأَكْثَرُونَ، بِخَلافَ تَخْصَيصِ الْعَامِّ كمَا تَقَدَّمَ.
لنَا: قَاطِعٌ فَلا يُقَابِلُهُ الْمَظْنُونُ.
والظَّاهر عندنا: أن الخبر قد يتعلّق بالمستقبل كما يقول: سيخرج الدَّجَّال، ويصح فيه التصديق والتكذيب، والوعد إنشاء لا خبر؛ فليس مما نحن فيه.
والثَّانية: كلّ ما تقدم فيما هو خبر لفظًا ومعنى، أما ما هو خبر لفظًا لا معنى مثل: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنّ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٢٨]، فنسخه جائز في قول الأكثرين؛ فإنه ليس إلَّا صيغة الخبر استعملت على وجه التجوز في الأمر.
وخالف فيه أبو بكر الدَّقَّاق من أصحابنا، كما نقل ابن السَّمْعَاني، ولا وجه له.
الثالثة: نسخ الوعيد جائز، وممن صرح به من أصحابنا ابن السَّمْعَاني قال: ولا يعد ذلك خلفًا، بل عفوًا وكرمًا.
قلت: ونسخ الوعد لا يفضي إلى الكذب كما عرفت؛ لأنه إنشاء، ولكنه لا يقع؛ لأنه إخلاف في الإنعام، وهو على الرب - تعالى - مستحيل.
قال الأصمعي: سمعت أعرابيًّا يقول: سبحان مَنْ إذا وعد وفى، وإذا توعّد عفا.
«مسألة»
الشرح: ذكروا أنه يمتنع نسخ كلّ القرآن إجماعًا.
وأما نسخ بعضه فنقل عن أبي مسلم الأصفهاني منعه.
وقد عرفت أنه نقل عنه أيضًا منع النسخ رأسًا.
والحق أنه "يجوز نَسْخ القرآن بالقرآن كالعدتين" (١) وقد تقدّم الكلام عليها، "والمتواتر
(١) اتفق القائلون بالنسخ على امتناع نسخ جميع القرآن؛ لأنه معجزة نبينا ﷺ المستمرة على التأييد؛ ولأن فيه الأخبار والقصص والأحكام التي لا يقبل حسنها أو قبحها السقوط. ينظر: =