الحنفيّة حيث قالوا: إذا قال: لا تقتل اليهود بالحديد ولا النصارى، أفاد ذلك.
"و" أجيب أيضًا: على تقدير التسليم، وعدم الالتزام "بالفرق" بين هذه الصورة، ومحلّ النزاع "بأن ضَرْبَ عمرو في غير يوم الجمعة لا يمتنع"، وإذا لم يمتنع لم تقتض الجملة الثانية إضمارًا؛ لاستقامة الكلام بدونه، بخلاف قوله ﵇:"وَلا ذُو عَهْدٍ في عَهْدِهِ؛ فإن صحّته تتوقف على إضمار بما قلناه، هذا تقرير ما ذكره.
ولقائل أن يقول: وكذلك "ولا ذو عهد في عهده" صحّته لا تتوقف على إضمار بما بيناه، وإن سلم توقف "ولا ذو عهد"، إذا تجرد؛ فلا نسلم توقفه إذا انضم إليه "في عهده" كما أسلفناه، فنحن لا نقيس ما نحن فيه بقولك: ضربت زيدًا يوم الجمعة وعمرًا، بل نقول: ضربت زيدًا يوم الجمعة، وعمرًا يوم السبت، أو عمرًا وهو واقف.
والحاصل: أنك تأتي في المعطوف بقيد يفيد فائدة جديدة كما قلناه في: لا تقتل اليهود بالحديد، ولا النصارى في الأشهر، وإذا قيس هذا بما ذكرناه فلا منع، ولا فرق إن شاء الله.
واعلم أن الشِّيرَازي وغيره من شارحي الكتاب كان حقهم أن يقرروا هذا الدليل هكذا: لو أوجب العطف اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الخصوص، لكان نحو: ضربت إلى آخره، وذلك لأنهم فهموا أن مراد المصنّف في المسألة، ودعواه اشتراك المعطوف والمعطوف عليه كما قدمناه، ولكنهم لما رأوا الفرق الذي ذكره المصنف في الجواب لا يتمشَّى على تقدير تقرير الشُّبهة على هذا الوجه كادوا يتنبهون للصواب، فقرروا الدليل على وجه قريب من مراد المصنف.
ثم اعتذر - أعني الشِّيرَازي - عن تقريره القريب من الصواب، بأن قال: وهذا الجواب - يعني جواب المصنف - هو الذي حملنا على حملنا كلامه على النقض الإجمالي، لا بأنه شبهة أخرى واردة على الخصوص بأن يقال: لو كان العطف يقتضي الاشتراك في الخصوص، لكان معنى هذا الكلام ما ذكرناه وليس كذلك؛ إذ لا أثر له في منع هذه الملازمة. فانظره كيف اعتذر عن ارتكابه سبيل الصواب، والله الموفق.
"تنبيه"
إذا ثبت العموم كما يدّعيه المصنف في قوله: "ولا ذو عهد في عهده" وفي قوله: