للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

البيضاوي"، وادعى الإمام والآمدي الاتفاق عليه، وليس بجيد؛ فالخلاف موجود نقله أبو إسحاق الشيرازي، وأبو المظفر بن السمعاني وغيرهما، بناء على أن الفحوى قياس، والقياس لا يكون ناسخًا.

"فائدة"

عرفت حكم مفهوم الموافقة.

وأما مفهوم المُخَالفة (١)، فيجوز نسخه مع نسخ الأصل، وبدونه، وقد بَيّناه في "شرح


= الشافعية قياسًا، وإن قال: إن الحكم إنما يستفاد بوجود العلة الموجبة للحكم؛ لكنه يفرق بين الفحوى والقياس بما ذكرنا في العلة، فيجعل علة الفحوى مفهومة من اللغة. دون علة القياس، فكان النزاع في التسمية فقط، وبذلك تعلم أن الحق ما قاله الإمام في "المحصول"، والآمدي في "الإحكام" ألا ترى: أن جمهور العلماء قالوا: - إذا نسخ حكم أصل القياس لا يبقى حكم الفرع الثابت بالقياس على هذا الأصل، وإن تنازعوا في أن هذا نسخ، أو ليس بنسخ؟ فأنت ترى اتفاق الكل على أنه إذا نسخ حكم الأصل لا يبقى حكم الفرع، وإنما الخلاف في كونه نسخًا، أو ليس بنسخ فقط، وأما الفحوى، وأصله الذي هو المنطوق فقد اتضح أن المختار أو الحق أنه يجوز نسخ أحدهما مع بقاء الآخر. فكيف يمكن لأحد أن يجعله قياسًا من كل وجه، ويبنى على ذلك منع النسخ بها؟
وأما ما قد قيل من أن حكم الفرع يبقى عند انتساخ حكم الأصل، ونسب للحنفية فهو خطأ؛ لأن الحنفية صرحوا بأن النص المنسوخ لا يجوز القياس عليه، ولهذا جعلوا من شروط القياس ألا يكون حكم الأصل منسوخًا، فكان من لوازم نسخ حكم الأصل نسخ حكم الفرع فيما هو قياس يختص الوقوف على علته بالمجتهد، بخلاف مفهوم الموافقة، أو الفحوى، أو دلالة النص.
(١) وأما مفهوم المخالفة؛ فيجوز نسخه مع نسخ الأصل، وهو واضح، وذلك كنسخ وجوب الزكاة في الغنم السائمة، ونفيه عن المعلوفة معًا المستفادين من حديث: "فِي الغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ" ويرجع الأمر في السائمة إلى مسألة: إذا نسخ الوجوب بقي الجواز، كما يرجع الأمر في المعلوفة إلى ما كان قبل مما دل عليه الدليل العام بعد الشرع من تحريم للفعل إن كان مضرة، أو إباحة له إن كان منفعة، فليس المعنى منه أن يرتفع العدم، ويحصل الحكم الثبوتي، بل المعنى منه أن يرتفع العدم الذي كان شرعيًّا، ويرجع إلى ما كان عليه من قبل، وهذا التمثيل إنما هو على سبيل الفرض والتقدير، فإن التمثيل يكتفي فيه بمثل ذلك، كما هو مقرر، وكذا يجوز نسخه بدون الأصل: أي: مع بقاء الأصل، وهو واضح أيضًا، كنسخ مفهوم حديث: =

<<  <  ج: ص:  >  >>