وأما ما قد قيل من أن حكم الفرع يبقى عند انتساخ حكم الأصل، ونسب للحنفية فهو خطأ؛ لأن الحنفية صرحوا بأن النص المنسوخ لا يجوز القياس عليه، ولهذا جعلوا من شروط القياس ألا يكون حكم الأصل منسوخًا، فكان من لوازم نسخ حكم الأصل نسخ حكم الفرع فيما هو قياس يختص الوقوف على علته بالمجتهد، بخلاف مفهوم الموافقة، أو الفحوى، أو دلالة النص. (١) وأما مفهوم المخالفة؛ فيجوز نسخه مع نسخ الأصل، وهو واضح، وذلك كنسخ وجوب الزكاة في الغنم السائمة، ونفيه عن المعلوفة معًا المستفادين من حديث: "فِي الغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ" ويرجع الأمر في السائمة إلى مسألة: إذا نسخ الوجوب بقي الجواز، كما يرجع الأمر في المعلوفة إلى ما كان قبل مما دل عليه الدليل العام بعد الشرع من تحريم للفعل إن كان مضرة، أو إباحة له إن كان منفعة، فليس المعنى منه أن يرتفع العدم، ويحصل الحكم الثبوتي، بل المعنى منه أن يرتفع العدم الذي كان شرعيًّا، ويرجع إلى ما كان عليه من قبل، وهذا التمثيل إنما هو على سبيل الفرض والتقدير، فإن التمثيل يكتفي فيه بمثل ذلك، كما هو مقرر، وكذا يجوز نسخه بدون الأصل: أي: مع بقاء الأصل، وهو واضح أيضًا، كنسخ مفهوم حديث: =