للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعِلْمُ ضَرْبَانِ: عِلْمٌ بِمُفْرَدِ، ويُسَمَّى تَصَوُّرًا وَمَعْرِفَةً، وَعِلْمٌ بِنِسْبَةٍ، وَيُسَمَّى تَصْدِيقًا وَعِلْمًا، وَكِلَاهُمَا ضَرُورِيٌّ وَمَطْلُوبٌ.

وقد اقتدى المصنّف بالغَزَّاليِّ في ذكر القواعد المهمَّة من المَنْطِقِ، فقال: "والعلم ضربان: (١) علم بمفرد" (٢)؛ مثل علمك بمعنى الإنسان، والكاتب، "ويسمى تصورًا ومعرفة، وعلم بنسبة"، لا بمعنى [حصول] (٣) صورتها في العَقْلِ؛ فإنه من قبيل الأول؛ بل بمعنى إيقاعها أو انتزاعها؛ مثل: حكمك بأن الإنسان كاتب، أو ليس بكاتب، "ويسمى تصديقًا وعلمًا" (٤).

وإنما يسميه علمًا بعضهم؛ وعلى هذا، فلا يكون الأول عنده علمًا، "وكلاهما"؛ أي: كل واحد من التصوّر والتصديق (٥) "ضروري" يحصل بلا طَلَبٍ (٦)، "ومطلوبٌ" لا يحصل إلا


(١) وقوله: "ضربان" إشارة إلى أنهما نوعان متمايزان: نوع قد يتعلق بالفرد كما يتعلق بالنسبة، ونوع لا يتعلق إِلَّا بالنسبة؛ فلا يرد تصور النسبة عليه.
(٢) في هامش ت: تقسيم العلم إلى تصور وتصديق، وهو مبدأ الشروع في المبادئ المنطقية.
(٣) سقط في ت.
(٤) إذا تصورنا نسبة أمرٍ إلى أمرٍ إثباتًا أو نفيًا، وشككنا فيه فقد علمنا ذينك الأمرين، والنسبةُ ضرب مَا من العلم؛ لأنّا لا نشك فيما لا نعلمه أصلًا، ثم إذا زال الشك وحكمنا به، فقد علمنا النسبة ضربًا آخر من العلم، وهذا الضرب متميّز عن الأول بحقيقته، وبلازمه المشهور، وهو احتمال الصدق والكذاب، فقد تقرّر أن العلم ضربان:
ضرب يتعلق بالمفرد، ويسميه بعض مهم تصورًا، وبعضهم معرفةً.
وضرب لا يتعلق إلا بالنسبة أي: بحصولها، ويسميه بعضهم تصديقًا، وبعضهم علمًا، فيخصّ هذا الضرب بالعلم بالاشتراك أو بالغلبة!. ينظر: شرح المقدمة (٩) خ.
(٥) في هامش ت: تقسيم كل منهما إلى ضروري وغيره وتعريفهما.
(٦) كل واحد في التصور والتصديق ينقسم إلى ضروري يحصل بلا طلب، ومطلوب لا يحصل إِلَّا بالطلب، ووجود الأقسام الأربعة وجداني، والمنكرُ مباهت، فيعرض عنه، أو جاهل بمعناه؛ فيفهم. فالتصوّر الضروري ما لا يتقدمه تصوّر تقدُّمًا طبيعيًا؛ أي: لا يتوقف تحققه عليه، وهو الذي متعلقه مفرد كالوجود والشيء، فلا يطلب بحدّ، إذ لا حدّ له، فإنه يميز أجزاء المفرد، ولا أجزاء له، والمطلوب بخلافه وهو ما كان متعلقه مركبًا، فيطلب مفرداته لتعرف متميزة، وذلك حَدّه، فقد تبيّن أن كل مركب يُكْتَبُ بالحدّ، ولا شيء من البسيط كذلك، وبيانه: أن البسيط هو معنى الضروري، والتصديق البديهي ما لا يتقدمه تصديق يتوقف عليه، وهو دليله، وطلبه النظر، ولا بأس أن يتقدّمه تصور يتوقف عليه ضروريًا كان أو نظريًا، والمطلوب بخلافه أي: يتقدمه تصديق يتوقف عليه، وهو =

<<  <  ج: ص:  >  >>