للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكَانَةُ التَّابِعِيِّ المُجْتَهِدِ مَعَ الصَّحَابَةِ (١)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإنما قلت: في مثل هذا؛ لأني أجوز القطع مع الخلاف، وذلك شأن [أكثر] (٢) مسائل الأصول، ولكن هذا المكان دلائله كلها ظنيةٌ.

وأما أنه لا يقول: هو قَطْعِيّ؛ فلأنه أيضًا في محل الاجتهاد.

وقد فُهم عنه أنه قال: ليس بإجماع أصلًا أبي ونقله كذلك عنه في "شرح المهذب"، وناهيك بفهمه.

ويحتمل أن يريد أنه إجماعٌ ظنيٌّ، وإياه فهِم بعض الشَّارحين، ويكون ذهابًا منه إلى أن خلاف الأقل [غير] (٣) معتبر في انتهاض الإجماع، وإن اعتبر في كونه غير قَطْعي كما قلنا: إن من قال: خلاف الأول غير معتبر لم يجعله إجماعًا قطعًا، وحينئذ لا يتَّجه قول الشيخ الإمام أبي .

ثم ذا يكون حجة؛ لأنا نقول: هو حجة؛ لكونه إجماعًا، ولكن الشيخ الإمام إنما رد عليه؛ لأنَّهُ فهم عنه الاحتمال الأول، وهو أنه ليس بإجماع أصلًا، ولعلَّه أظهر الاحتمالين وهو المذهب المصرّح بحكايته في "المستصفى"، و"الإحكام"، وغيرهما، والرد حينئذ صحيح؛ لأنَّهُ ليس بكتاب ولا سُنَّة ولا إجماع ولا قِيَاس ولا اسْتِصْحَاب، إلى غير ذلك من الأدلَّة المعروفة بين الأئمة، وليس لأحد أن يحدث في دين الله أمرًا وينصبه دليلًا يحتج به.


(١) اعلم أنهم اختلفوا في صحة انعقاد إجماع الصحابة مع مخالفة التابعين إذا كان من أهل الاجتهاد وفي عصرهم، فذهب أحمد بن حنبل في إحدى روايتيه، وبعض المتكلمين إلى أنه لا عبرة بمخالفته أصلًا، ولم يشر المصنف إلى هذا المذهب، لكنه يعلم من سياق كلامه. ورد الباقون وأحمد في روايته الأخرى وغيره من القائلين باشتراط الانقراض إلى اعتبار مخالفته إن كان من أهل الاجتهاد حالة إجماعهم، وهو الذي اختار المصنف، واستدل عليه، وإليه أشار بقوله: "التابعي المجتهد معتبر مع الصحابة" على معنى أنه لا يعتد بإجماعهم مع مخالفته وإن كان مجتهدًا حالة إجماعهم. ينظر شرح المختصر للقطب (٤ - ٢/ ب) وينظر: المحصول ٢/ ١/ ٢٥١، والإحكام للآمدي ١/ ٢١٨، والمستصفى ٢/ ١٨٥، والتبصرة ٣٨٤، وشرح الكوكب ٢/ ٢٣٢، وإرشاد الفحول ٨١، وشرح العضد ٢/ ٣٥، وجمع الجوامع ٢/ ١٧٩، وفواتح الرحموت ٢/ ٢٢١.
(٢) سقط في ت.
(٣) سقط في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>