وقال الناس قديمًا الأخذ سُرّيطى والعطاءُ ضُرَّيْطى - يتعامل الناس في غير جلبة ولا ضوضاء، بل أكثر من ذلك أنه قد يصل الأمر بهم إلى السرّ والخفاء فيه حتى إذا كان القضاء كان الإعلان وكانت المواعدة وكانت المخاصمة وكان الرفع إلى القضاء ليس ذلك فحسب، بل هو يعمل كل جهد في تهريب ماله بشتى الوسائل. "الحالة الثالثة" وهي فيما إذا رفع الغرماء الأمر، إلى الحاكم وطلبوا منه الحجر على المدين، فهل للحاكم في هذه الحالة خلع ما له عنه ويبيعه عليه وقسم ثمنه بين الغرماء؟ أو ليس له ذلك بل يحبسه حتى يعين طريق وفاء الدين؟. "إلى الرأي الأول" ذهب مالك والشافعي والحنابلة وأهل الظاهر وأبو يوسف ومحمّد بن الحنفية. "وإلى الرأي الثاني" ذهب أبو حنيفة وزيد بن على من الشيعة. وقد استدل الأولون مالك ومن معه. (١) اتفق الفقهاء على أن المرض المتصل بالموت لا ينافي أهلية التصرف في المال، ولكن لمّا كان المرض سبب الموت وطريقًا له وكان الموت علة لانتقال المال إلي الورثة كان المرض سببًا لتعلق حق الورثة بماله فلذلك قال الفقهاء ما عدا الظاهرية بالحجر عليه في التصرفات الضارة بحقوق الورثة كالتبرعات الزائدة على الثلث. أمّا الظاهرية فقالوا: إن المريض كالصحيح سواء بسواء من غير فرق في التبرعات الزائدة على الثلث لا يمنعه مرض مخوف، ولا ما يشبهه. واتفق الفقهاء جميعًا على أن الوصية لا تنفذ بأكثر من الثلث، كما اتفقوا على صحة التصرفات التي تقع بالمعاوضات كالبيع والشراء ما لم يقع منه محاباة فيهما كأن يبيع ما يساوي عشرة بخمسة أو يشتري ما ثمنه عشرة دارهم بخمسة عشر فهو في هذه الحالة متبرع ينفذ تبرعه إن وسعه الثلث وإلّا فلا. =