هذا، وقد اختلفوا في تعامل الذميين بها وشربهم لها: فذهب الجمهور إلى الحرمة. وذهب الحنفية إلى عدمها. قال النووي في "المجموع": "بيع الخمر وسائر التصرفات فيها حرام على أهل الذمة كما هو حرام على المسلم. وقال أبو حنيفة لا يحرم ذلك عليهم، قال المتولى: المسألة مبنية على أصل معروف في الأصول، وهو أن الكافر عندنا مخاطب بالفروع وعندهم ليس بمخاطب وموضع تحقيق هذا المبحث علم الأصول. فإن قيل: إنك في بحث النجاسة أو الطهارة اخترت القول بالطهارة، فكيف تحرم التصرف في الخمر بالبيع ونحوه؟. قلنا: إنه لا تلازم بين الطهارة وصحة البيع الشرعي ونحوه، فكم من أشياء طاهرة ويحرم التصرف فيها شرعًا بالبيع وما شاكله؛ ألا ترى أن الأصنام المصنوعة من الطاهر كالخشب، والحجر، والذهب، والفضة طاهرة إجماعًا وبيعها حرام شرعًا؛ ومثله سائر التصرفات فيها؛ لأنها واجبة الإتلاف ولنهي الشرع عن بيعها. روى جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: "إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام" فقيل: با رسول الله أرأيت شحوم الميتة؛ فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؛ فقال: "لا، هو حرام"، ثم قال رسول الله ﷺ عند ذلك: "قاتل الله اليهود، إن الله لمّا حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه". رواه الجماعة: جملوه بفتح الجيم والميم أذابوه يقال: جَمَله إذا أذابه، والجميل الشحم المذاب. ينظر: الهداية ٨/ ١٥٧، ونيل الأوطار ٥/ ١٢٠، ١٣١، ٨/ ١٤٤، والمحلى ٧/ ٤٩٨، والبدائع ٥/ ١١٥، والمجموع ٢/ ٥٧٨. (١) ينظر: شرح العضد ٢/ ١٣، والمستصفى ١/ ٩٠، وشرح الكوكب المنير ١/ ٤٩٠، وحاشية البناني=