للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفِعْلِ، وَعَنْ أَبِي هَاشِمٍ وَكَثيرٍ: نَفْيُ الْفِعْلِ. لَنَا: لَوْ كَانَ، لَكَانَ مُسْتَدْعًى حُصُولُهُ مِنْه، وَلا

فإن قلت: "فالمكلف"، "في النهي" كيف، يكون فعلًا، وهو طلب ترك الفعل.

قلت: المطلوب بالنهي "كَفّ النَّفس عن الفعل"، والكَفّ فعل.

"وعن أبي هاشم وكثير" أن المكلف به في النهي "نفي الفعل".

"لنا: لو كان" الانتفاء هو المَطْلُوب لكان "يستدعى حصوله منه، ولا يتصور" ذلك؛ "لأنه غير مقدور له"؛ لكونه عدمًا، والعدم لا يكون مقدورًا.

"وأجيب بمنع أنه - أي: العدم - "غير مقدور له"؛ فإن القادر على الزّنا قادرٌ على تركه، وهذا "كأحد قولي القاضي" أبي بكر: إن عدم الفعل مكتسب للعبد.

"ورد" المنع "بأنه" - أي: الفعل - "كان معدومًا، واستمر"، فكيف يكون مقدورًا "والقدرة تقتضي أثرًا عقلًا"، والعدم ثابت قبلها فكيف يَكون أثرًا لها؟

"وفيه نظرٌ فقد يقال: لا نسلّم أن استمراره لا يصلحُ أثرًا للقدرةِ؛ إذ هو متمكن من ألَّا يفعل فيستمر، ومن أن يفعل فلا يستمر.

وأيضًا فأثره أنه لم يشأ فلم يفعل، وهذا كافٍ في كونه أثرًا، وأما وجوب أن يفعل شيئًا فلا.

وأنا قد وقعت على دليلين يدلّان على أن الكَفّ فعلٌ.

أحدهما: قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ [سورة الفرقان: الآية ٣٠] إذ الاتخاذ "افتعال والمهجور: المتروك.

والثاني: ما رواه أبو جُحَيفَةَ السُّوَائيّ أن النبي قال: "أَيُّ الأَعْمَالِ خَيْرٌ؟ " فسكتوا قال: "حِفْظُ اللِّسَانِ".

"فرع"

نقل الرَّافعي عن القَفَّال فيمن قال لزوجته: إن [فعلت] (١) ما ليس لله فيه رضا فأنت طالق، فتركت صومًا أو صلاةً أنه ينبغي ألَّا تطلق (٢)؛ لأنه ترك وليس بفعل، فلو سرقت أو زَنتْ طلقت.


= ١/ ٢١٣، وتيسير التحرير ٢/ ١٣٥، وفوات الرحموت ١/ ١٣٢، والقواعد والفوائد ص (٦٢)، والإحكام للآمدي ١/ ١٣٦.
(١) سقط في ت.
(٢) في أ، ت، ح: يطلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>