للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحْدَاث الدَّلِيلِ وَالتَّأْوِيلِ (١)

مَسْألةٌ:

يَجُوزُ إِحْدَاثُ دَلِيل آخَرَ، أَوْ تَأْوِيل آخَرَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ.

لَنَا: لا مُخَالفةَ لَهُمْ فَجَازَ، وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يَجُزْ لأُنْكِرَ، وَلَم يَزَلِ المُتَأَخِّرُونَ يَسْتَخْرِجُونَ الأَدِلَّةَ وَالتَّأْوِيلاتِ.

«مسألة»

الشرح: أهل العصر إذا استدلوا بدليل على حكم، أو استنبطوا منه وجه دلالة قال الإمام الرَّازي وأتباعه والآمدي والمصنف وتأولوا تأويلات، فإنه "يجوز" لمن بعدهم "إحداث دليل آخر أو" استنباط آخر، قال هؤلاء: أو "تأويل آخر عند أكثر".

والحَقُّ معهم إلا في التأويل، فإنه صرف اللفظ عن ظاهره إلى مرجوح بدليل، فالتأويل لا بُدَّ وأن يكون مغايرًا له، فيلزم منه إبطال ما أجمعوا عليه، فلا يجوز إحداثه.

وبذلك صرَّح القاضي عبد الوهَّاب المالكي - وهو واضح - إلا أن تأول (٢) كلامهم بأنهم أرادوا تأويلًا لا ينافي تأويل الأولين.

والحاصل: أن ما يفعله أهل العصر الثاني لا يمنع إلا إذا نافى فعل الأولين.

"لنا: لا مُخَالفة لهم فجاز" إحداثه.

"وأيضًا: لو لم يجز لأنكر"؛ لأن العلماء لا يقرون على باطل كما علم من عَوَائدهم، "و"


(١) هذه المسألة في أنه إذا استدل أهل العصر - أعني أهل الإجماع - في مسألة بدليل، أو تأولوا تأويلًا، فهل يجوز لمن بعدهم إحداث دليل أو تأويل آخر؟. اختلفوا فيه لا فيما نصوا على إبطاله؛ فإنه غير جائز اتفاقًا، لما فيه من تخطئه الأمة، ولا فيما نصوا على صحته؛ فإنه جائز اتفاقًا؛ إذ لا تخطئة فيه، بل فيما شكوا فيه عن الأمرين، وعن التعرض لتجويز التأويل والمنع منه أيضًا، فذهب الجمهور إلى جوازه، ومنع منه الأقلون، والمختار مذهب أكثرين إلا إذا لزم منه القدح فيما أجمع عليه أهل العصر، وإنما ترك المصنف هذا القيد لظهوره، ويدل على اعتباره إياه قوله: "لا مخالفة لهم" .. ينظر: الشيرازي ٢٢٢ أ/ خ. والمحصول ٢/ ١/ ٢٢٥، والإحكام للآمدي ١/ ٢٤٦، والمعتمد ٢/ ٥١٤، وشرح العضد ٢/ ٤٠، وحاشية البناني ٢/ ١٩٨، والمسودة ٣٢٨، وفواتح الرحموت ٢/ ٢٣٧، وتيسير التحرير ٣/ ٢٥٣، والتقرير والتحبير ٣/ ٧٩، وإرشاد الفحُول ٨٧.
(٢) في ت، ح: يؤول.

<<  <  ج: ص:  >  >>