للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومما يرد عليهم: استعمالهم القياس في القِصَاصِ، مع أنه يدرأ بالشُّبهة.

ولقد تتبع الشافعي مذاهبهم، وأبَان أنهم لم يَفُوا بشيء مما ذكروه.

"فرع"

إِذا قال لامرأته: أنت علي حرام، فأصح القولين: وجوب الكفارة إِذا لم يَنْوِ شيئًا، كما إذا قال ذلك لأمته؛ إِذ يجب فيه الكَفَّارة على الأصح أيضًا، وهو من الأقيسة في الكفارات؛ إذ الآية، وهي قوله - تعالى - ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [سورة التحريم: الآية ١] إلى آخرها، إِنما نزلت في أَمَةٍ، وهي مارية (١)، على ما ذكره الشَّافعي، وألحقنا بها الزوجة في إِيجاب الكفارة.

قال الشافعي: لأنه تحريم فَرْجَين حلين بما لم يحرما به.

"فائدة"

نحن وإن جوزنا القياس في الحدود، والكَفَّارات، والرُّخَص والتقديرات على الجملة، فلا ننكر وِجْدان ما لا يعلل ويلتحق بمحض التَّعبد، وعلى هذا فلا بد من أمارة يعرف بها القسم الذي يجري فيه التعليل من غيره.

وجماع القول - عندنا - أن كل حكم يجوز أن يستنبط منه معنى مخيّل من كتاب أو نصِّ سُنة، أو إِجماع، فإِنه يعلل، وما لا يصح فيه هذا فلا يعلل، سواء أكان من الحدود والكَفَّارات أم غيرها.

فإن قلت: هل يصح إِثبات حَدّ مبتدأ، أو كَفّارة مبتدأة بالقياس؟.


(١) مارية بنت شمعون القبطية، أم إبراهيم، من سرارى النبي مصرية الأصل، بيضاء. ولدت في قرية "حفن" من كورة "أنصنا بمصر" وأهداها المقوقس القبطي (صاحب الإسكندرية ومصر) سنة ٧ هـ إلى النبي فولدت له إبراهيم، فقال: "أعتقها ولدها". ولما توفي النبي تولى الإنفاق عليها أبو بكر ثم عمر. وماتت سنة ١٦ هـ في خلافة عمر بالمدينة، فرؤي وهو يحشد الناس بنفسه لحضور جنازتها. ينظر: أسد الغابة ٥/ ٥٤٣، والإصابة (كتاب النساء) ت (٩٨٤)، والأعلام ٥/ ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>