للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّافِعِيَّةُ: الْعَطْفُ يُصَيِّرُ الْمُتَعَدِّدَ كَالْمُفْرَدِ.

وَأُجِيبَ: بِأَنَّ ذلِكَ فِي الْمُفْرَدَاتِ.

ومنها: رأي ابن السَّمْعَاني، وقد سلك فيه مسلك أصحابنا، وانتقض من الإمام حيث أدَّاه تفصيله إلى العدول عن مذهب الشَّافعي.

وحاصله: أنه إن لم يكن في المذكور أجزاء ما يوجب إضرابًا عن الأول، وصلح رجوع الاستثناء إلى الكُلّ رجع إلى الكُلّ.

قال: ويمكن أن يعبر عن هذا فيقال: إذا لم يكن الثَّاني خُرُوجًا من قصّة أخرى لا تليق بها عاد إلى الكُلّ، وإن كان اختص بالأخيرة.

ونظيره: اضرب بني تميم، والأشراف هم قريش إلا أهل البلد الفلاني، وهذا لأنه لما عدل عن الأول إلى مثل هذا، وأحدهما لا يليق بالآخر، أو أحدهما قضيّة والآخر قضية أخرى دلّ أنه استوفى غرضه من الأوّل؛ لأنه لا شيء أدلّ على استيفاء الغرض بالكلام من العدول عنه إلى نوع آخر من الكلام، وعلى هذا إذا قال:

من استقامت طريقته فأكرمه، ومن عصاك فاضربه، إلَّا أن يتوب، فالاستثناء ينصرف إلى ما يليه.

وعلى هذا قيل أيضًا: إذا قال: أكرم ربيعة، واضرب بني تميم إلا الطوال منهم، ينصرف إلى ما يليه أيضًا. انتهى.

والحاصلُ أنه إن صلح العود إلى الكُلّ عاد إلى الكل، والكلام إنما هو حيث صلح.

الشرح: واحتجت "الشَّافعية" لمذهبهم بدليل، قال ابن السَّمْعَاني: وربما نسبوه إلى الشافعي فقالوا:

"العطف يصير المتعدّد كالمنفرد"، ويجري الجمل مجرى الجملة الواحدة، وواو العطف في الأسماء المختلفة تجري مجرى واو الجمع في الأسماء المتماثلة.

فإن قولك: رأيت زيدًا الطويل، وزيدًا القصير، وزيدًا الأعمى بمثابة: رأيت الزيدين في الإفادة مع تعدد الأول ووحدة الثاني، وكذا لا فرق عند أهل اللغة بين قولهم: أكرم العرب إلا الطوال، وقولهم: أكرم مضر وربيعة وقَحْطان إلَّا الطوال منهم، وإذا صار الجمع كالجملة الواحدة انصرف الاستثناء إلى الكلِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>