قَالُوا: لَوْ قَالَ: "وَالله، لا أكَلْت، وَلا شَرِبْت، وَلا ضَرَبْتُ؛ إنْ شَاءَ اللهُ" عَادَ إِلَى الْجَمِيعِ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ شَرْطٌ، فَإِنْ أُلْحِقَ بِهِ فَقِيَاسٌ، وَإنْ سُلِّمَ، فَالْفَرْقُ: أَنَّ الشَّرْطَ مُقَدَّرٌ تَقْدِيمُه، وَإنْ سُلِّمَ؛ فَلِقَرِينَةِ الاتِّصَالِ، وَهِيَ الْيَمِينُ عَلَى الْجَمِيعِ.
"وأجيب: بأن ذلك" أي: جعل المتعدّد كالمنفرد، وإنما هو "في المفردات" لا في الجمل، وهذا الجواب لم يذكره الآمدي.
وإنما المصنّف أخذه من إمام الحرمين؛ فإنه قال: إنما يجري ذلك في الأفراد التي لا تستقلّ بنفسها، وليست جملًا مقصودةً بانفرادها كقول القائل: رأيت زيدًا وعمرًا.
فأما إذا اشتمل الكلام على جمل وكلّ جملة لو قدر السّكوت عليها لاستقلت بالإفادة، فكيف يتخيّل اقتضاء "الواو" التشريك فيها، ولكل جملة معناها الخاص بها، وقد يكون بعضها نفيًا وبعضها إثباتًا؟! انتهى.
ويظهر منه أنه قصد بـ "المفردات" أن يكون كلّ من المعطوفات لا يستقل بنفسه، ولو قدر السكوت عليه لم يفد مثل: أكرم الفقهاء والنحاة والأصوليين إلَّا أن يفسقوا؛ فإن "الأصوليين" لا يستقلّ بنفسه، بخلاف: أكرم الفقهاء، وأكرم النُّحاة، وأكرم الأصوليين، فإن قوله: وأكرم الأصوليين مفيد لو قدر السكوت عليه لا يستقل بالإفادة.
ومقتضى هذا الجَوَاب أن المفردات يرجع الاستثناء فيها إلى الجميع بالاتفاق، وإلَّا فلو كانت من محلّ النزاع لم يتأت له ما ذكره.
الشرح: "قالوا" ثانيًا؟ "لو قال: والله لا أكلت، ولا شربت، ولا ضربت إن شاء الله، عاد إلى الجميع"، وقد حكى القاضى في "التقريب" وغيره الاتفاق على ذلك.
"وأجيب" أولًا: بأن ما ذكرتم مما ينازع فيه الخَصْم. ذكره القاضي أيضًا.
وثانيًا: "بأنه شرط" لا استثناء، "فإن ألحق" الاستثناء "به" بجامع أنه تخصيص متصل "فقياس" في اللغة؛ وهو باطل.
"وإن سلم" صحّة القياس في اللغة، "فالفرق أن الشرط"، وإن تأخر لفظًا فهو "مقدر تقديمه"، وله صدر الكلام.
"وإن سلم" استواء الشرط والاستثناء، وهو التحقيق كما سيقوله إن شاء الله تعالى؛