للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، فليس الإجْمَاعُ عن قطعيٍّ، والظنيُّ تحيل العادة الاتفاق عليه لاختلاف القرائح، وتباين الأنْظارِ.

والجواب بالمنع فيهما، أمَّا القاطع فلأنه لا يجب نقله عادة إذْ قد يستغنى عن نقله بحصول الإجْماع الذي هو أقوى مِنْهُ لعدم احتماله النسخ، بخلاف القاطع، وأمَّا الظنيُّ فلأنه قد يكون جليًّا فتقبله القرائح فتتفق عليه، واختلاف القرائح والأَنْظَارِ إنَّمَا يمنع الاتِّفاق في الظنِّ الخفيِّ دون الجليِّ.

الْمَقَامُ الثَّانِي فِي بَيَانِ إِمْكَانِ الْعِلْم بإلْإجْمَاعِ:

زَعَمَ منكرو الإجْمَاعِ أنَّهُ على تقدير إمكانه، فالعلم به مُحَالٌ.

وقالوا في بيانه: الطريق إلى العلم بإجماعهم إمَّا اللإخبار بأن يخبر أهل الإجماع عن اتفاقهم، وإمَّا الحسُّ بأن نشاهد منهم فعلًا، أو تركًا يدلُّ على ذلك، وكون الطريق إليه واحدًا منهما باطل، فإنَّ سماعَ الأخبار يدلك من كل واحد من أهْلِ الإجماع، أو مشاهدة فعل أو ترك منه يدل عَلَيْهِ يتوقف على معرفة أعْيَانِهِم واحدًا واحدًا، ومعرفة معتقدهم في هذه المسأَلَةِ، ومعرفة اجتماعهم عليه في وقت واحد والوفوف على هذه الثَّلاثة متعذر أمَّا الأوَّل: فلانتشارهم شرقًا وغربًا مع جواز خَفَاءِ واحد منهم بأنْ يكون أسيرًا، أو محبوسًا في مطمورة، أو منقطعًا في جبل، أو خَامِلًا لا يعرف أنَّهُ من المجتهدين، وأمَّا الثاني: فلاحتمال أن بعضهم يكذب، فيفتي على خِلافِ اعتقاده خوفًا من سُلْطَان جائرٍ، أو مجتهد ذي منصب أفتى بخِلافه.

وأمَّا الثالث: فلاحتمال رجوع أحَدهم قبلَ فتوى الآخر، وتقرير هذه الشُّبْهَةِ هكذا: العلمُ باتِّفاقِ المجتهدين يتوقَّف على معرفة أعيانهم، واعتقادهم، واجتماعِهِم في وقت واحد، وكل ما كان كَذلِكَ، فهو محال عادةً، فالعلم باتفاقهم محال عادة، الصُّغرى ضرورية، والكبرى ودَلِيلُها ما تقدَّمَ.

[المقام الثالث في إمكان نقله إلى من يحتج به]

هذه هي النقطة الثالثة التي أنكرها بعض النظامية والروافض توصلًا إلى إنكار حجية الإجماع، قالوا: لو أمكن نقل الإجماع، فإما أن يُنقل بطريق الآحاد أو التواتر، والتالي بشقيه باطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>