للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تجدُ الدَّقَائِق الَّتِي تعرَّض لها الأصوليُّون قَبْل الحُكْم أو بعْدَه، والمُطلِع على كُتُب الأُصُول يجدُ العجَبَ العُجَابَ فهي زاخرةٌ بالأمثلةِ التي لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى.

فَائِدَةُ عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ وغَايَتُهُ:

لم توضع العُلُومُ عَبَثًا، بَلْ لكل علْمٍ غايةٌ، وغايةُ أُصُولِ الفِقْه، كما ذكر علماء الأصول في طَيِّ حجتهم كالآتي:

قال الآمِدِيُّ: وأمَّا غاية علْم الأصُولِ، فالوصول إلى معِرفة الأحكام الشرعيَّة التي هي مَنَاطُ السعادة الدنيوية والأُخْرَويَّة.

قال العلَّامة الشيخ محمد حَسَنين مخْلُوف: كان الغرضُ الأصليُّ من معرفة علْم الأُصُولِ هُوَ تَحْصِيلَ ملكة استنباطِ الأَحْكَام الفقهيَّة من أدلتها التفصيلية على وجه مُعْتَدٍّ به شَرْعًا.

وقال العلَّامة الخضريُّ في "أصول الفِقْه": غايَتُه الوصُول إلى اسْتِنْباط الأحْكَام من الأدلَّة.

وقال الشيخ زكي الدِّين شَعْبان: إنَّ الغاية من هذا العلم الوصولُ إلى أخْذ الأحْكام الشرعيَّة العمليَّة من أدلَّتها التفصيليَّة. فإذا تحقَّق عند مَنْ يدْرُسُ هذا العِلْم أهليَّةُ الاجتهاد؛ بأن تجمَّعَت له وسائِلُهُ وتوافَرَتْ فيه شروطُهُ من العِلْم بالقُرْآن وعُلُومِهِ، والسُّنَّة النبويَّة المطهَّرة رِوَاية ودِرَايةً، ووجُوه القياس، ومعرفة المقاصد العامَّة للشَّريعة، استطاع بواسطته استِنْبَاط الأحكام من النُّصوص الشرعيَّة، وأمكنه مَعْرِفَة الحُكْم الشرعيِّ فيما لا نصَّ فيه بالقياس على ما نص عَلَيْه، أو بإعْطَاء الحادثة الحُكْم المناسِبَ لها، والَّذِي تقتضيه المَصْلَحَةَ الشرعيَّة.

فمن هنا يُعْلَمُ أن عِلْمَ أصُولِ الفِقْه خادمٌ للاجْتِهاد؛ إذ هو العِلْمُ الكفيلُ بالنظر في الأدلَّة من حَيْثُ تؤخَذُ مِنْها الأحكامُ الشرعيَّة، وبه تُعْرَف كيفيَّة اسْتِثْمار الأحْكَام من أدلَّتها.

فأما إذا لم يَكُنْ عِنْد مَنْ يَدْرُس هذا العِلْمَ أهليَّة الاجتهاد، فإنَّه يستطيع الحصول على عِدَّة فوائد: منها: فهْمُ الأحْكَام الَّتي استَنْبَطَها المجتهدُون حقَّ فهْمِهَا، فعِلْمُ الأُصُول عُمْدَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>