للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَالُوا: اتَّبعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ.

قُلنا: مُؤَوَّل فِيمَا اتَّفَقُوا، وَإلَّا لَزِمَ الْمَنْعُ فِي كُلِّ مُتَجَدِّدٍ.

قَالُوا: ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [سورة آل عمران: الآية ١١٠]. قُلْنَا. مُعَارَضٌ بِقَوْلهِ: ﴿وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [سورة ال عمران: الآية ١١٠]. فَلَوْ كَانَ مُنْكَرًا لنُهُوا عَنْهُ.

لم ينكر ذلك أحد، بل "لم يزل المتأخرون يستخرجون الأدلة والتأويلات" المغايرة لدلائل الأوائل، ويعد ذلك تمامًا في النظر وضربًا من المحاسن.

الشرح: "قالوا": المحدث لذلك "اتبع غير سبيل المؤمنين"؛ لأنهم [لم] (١) يفعلوا ذلك.

"قلنا": اتّباع سبيلهم "مؤول" باتباعهم "فيما اتَّفقوا" عليه، والمعنى: ذم اتباع غير سبيل المؤمنين فيما اتَّفقوا عليه بأن يسلك ما خالفوه، لا ما لم يتعرضوا له، "وإلا لزم المنع" عن الحكم "في كل متجدّد" من الوَقَائِع (٢).

"قالوا": قوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [سورة آل عمران: الآية ١١٠] وَالمعروف عام (٣)، فيأمرون بكل معروف، فلو كان ما أحدث معروفًا، لأمروا به، وإن لم يكن معروفًا فلا يصار إليه.

"قلنا: معارض بقوله: ﴿وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ فلو كان منكرًا لنهوا عنه" بغير ما ذكَرتم.

"فائدتان"

الأولى: إذا اعتلّوا بعلَّة، فالقولُ في إحداث علَّة أخرى، كالقول في إحداث دليل آخر إن جوَّزنا اجتماع علَّتين، ذكره القاضي عبد الوهَّاب المالكي، والشيخ أبو عمر وعثمان بن عيسى المَارَانِيُّ (٤) صاحب "الاستقصاء" في كتابه: "شرح اللُّمع"، وهو ظاهر.

والثانية: هذا إذا لم يقولوا لا دليل أو لا علة إلّا ما ذكرناه.


(١) سقط في ح.
(٢) في أ، ت، ح: الواقع.
(٣) في ت: علم.
(٤) عثمان بن عيسى بن درباس، ضياء الدين، أبو عمرو الكردي الهذباني، الماراني ثم المصري، تفقه على أبي العباس الخضر بن عقيل وعلى أبي سعد بن أبي عصرون وغيرهما، وساد وتقدم وبرع في المذهب الشافعي، وشرح المهذب في عشرين مجلدًا إلى كتاب الشهادات، وشرح اللمع في مجلدين، قال ابن خلكان: كان من أعلم الفقهاء في وقته بمذهب الشافعي، ماهرًا في أصول الفقه. توفي سنة ٦٠٢. ينظر: طبقات ابن قاضي شهبة ٢/ ٦٠، والأعلام ٤/ ٣٧٥، ووفيات الأعيان ٢/ ٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>