ورد على الصاحبين أن قصر الأحكام على بعض الأشربة المسكرة دون بعض تحكم بعدما سبق عن الدليل الدال على عموم اسم الخمر لكل شرب مسكر من أي مادة اتخذ، وكما ألحق الصاحبان هذه الأنبذة الثلاثة بخمر عصير العنب المشتد يلزمهما أن يلحقا بها سائر الأنبذة المسكرة حيث لم يقم دليل على التخصيص، والدي نختاره حرمة التصرف في كل مسكر بأي نوع من أنواع التصرف؛ لورود الأخبار الصحيحة الدالة على حرمة إمساكها ووجوب إتلافها وحرمة بيعها وشربها واهدائها، ولم تفصل الأخبار بين نوع من الشراب المسكر وآخر منه، ولا بين المحترمة وغيرها، ولو كان ما حرمه الله ورسوله مالًا محترمًا لأمر الرسول ﷺ بحفظه ونهى عن إضاعته، وقد علمنا مما تقدم أن اسم الخمر شامل لغة لكل شراب مسكر من أي مادة اتخذ من غير فرق بين المتخذ من نيء عصير العنب والمتخذ من غيره؛ فإن لم يسلم ذلك لغة فالجميع خمر شرعًا يحرم الانتفاع بها بأي وجه من أوجه الانتفاع ومنه البيع والإهداء وما ماثلهما. بقول الرسول ﵊: "كل مسكر خمر" وقوله: "إن الذي حرم شربها حرم بيعها" وقوله: "إن الذي حرمها حرم أن يكارم بها اليهود" كما سبق في الأحاديث. =