للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ - مَعْصِيَةٌ، وَخَالَفَ الرَّوَافِض، وَخَالَفَ الْمُعْتَزِلَةُ إِلَّا فِي الصَّغَائِرِ وَمُعْتَمَدُهُمُ: التَّقْبِيحُ الْعَقْلِيُّ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى عِصْمَتِهِمْ بَعْدَ الرِّسَالَةِ مِنْ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ فِي الْأَحْكَامِ؛ لِدِلَالَةِ الْمُعْجِزَةِ عَلَى الصِّدْقِ، وَجَوَّزَهُ الْقَاضِي غَلَطًا.

"وخالف الرَّوَافض" فذهبوا إلى امتناعهما.

"وخالف المعتزلة إلا في الصَّغائر"، وشبهة الفَرِيقَيْنِ "ومعتمدهم: التقبيحُ العَقْليُّ". قالوا: فإن صدور المَعْصية منهم ينفّر الطبع عنهم، فكان قبيحًا.

"والإجماعُ منعقدٌ، على عصمتهم (١) بعد الرِّسَالة من تعمّد الكذيب في الأحكام؛ لدلالة المعجزة على الصِّدق" فيها، وكذلك يمتنع على وجه السهو.

"وجوَّزه القاضي غلطًا وقال": إنما "دلَّت المعجزة على الصدق الصَّادر اعتقادًا"، لا على ما يفوهون به؛ لأن الغلط والنسيان غير داخلين تحت التَّصْديق المقصود بالمعجزة.

هذا في الكذب في الأحكام غلطًا.

"وأما غيره من المَعَاصي، فالإجماع" منعقد "على عِصْمتهم من الكبائر، وصغائر" المعاصي الدَّالة على "الخِسَّة، وَدَنَاءَةِ الهِمَّة، كسرقة لُقْمة، والتَّطفيف بِحَبَّةٍ.

والأكثر على جواز غيرها" أي: غير الكبائر وصغائر الخِسَّة.

والمختار عندنا: امتناع الكُلِّ على [كل] (٢) وجه من العَمْدِ والسهو، وهو رأي الأستاذ أبي إسْحاق والقَاضي عِيَاض، وأبي الفتح الشَّهْرَستاني، وأبي وغيرهم من أصحابنا ومن المخالفين.

فإن قلت: لا يلزم من تجويز الصَّغائر سهوًا نَقْص من رتبتهم ولا حَطّ من مقاديرهم؛ إذ حالة السهو مغفورة لا ذنب فيها، والحِلّ والحُرْمة على أصلكم لَيْسَا من صفات الأعيان، فلا فرق في حالة الغَفْلَةِ بين صدور الطَّاعات والمعاصي.

قلت: نحن لا ننكر أنه لا ذَنْبَ في تلك الحال، ولكن الفِعْلَ من حيث هو منهي عنه، فربما تخيل (٣) رائيه النَّقْصَ في فاعله غير متأمل أنه فعله عمدًا أو سهوًا.


(١) والعصمة لغة: المنع، واصطلاحًا: ألَّا يخلق الله في المكلف الذنب مع بقاء قدرته واختياره. ينظر: التعليقات على شرح الجوهرة ص ١١٦.
(٢) سقط في ح.
(٣) في ب: يختل.

<<  <  ج: ص:  >  >>