الإطلاق إلى الصّحيح، فكان إطلاق اللفظ في الحقيقة، كالتَّقييد له بالصَّحيح؛ كما إذا أطلقت لفظ الماء، فإنك تفهم منه المطلق وتحمله عليه، وإن كان موضوعه أعم من المُطْلق والمقيد.
ويدلّ لهذا قول الرَّافعي: الإذن في النكاح، هل يتناول الصَّحيح والفاسد، أو الصحيح فقط؟ ولم يقل: هل هو موضوع، والتَّناول في باب غير باب الوضع، فإن اللفظ قد لا يتناول بعض موضوعاته للعرف المُقَيّد له بما وراء ذلك البعض ونحوه، وكذا قوله بعد ذلك.
وأصحهما: يختص بالصَّحيح؛ لأن مطلق الاسم ينصرف إليه ولم يدلّ؛ لأنه موضوعه. فافهم ذلك.
ولا يرد على هذا قول الرَّافعي: لفظ سائر العُقُود، ويختصّ بالصَّحيح على الظاهر، فإن مراده بالاختصاص [التناول](١)، دون الوضع؛ إذ لا غرض للفقيه في الكلام في الوَضْعِ.
وأمّا قول الإمام الشَّافعي: نصّ ذاك على أن الفاسد داخل تحت مطلق الاسم فظاهره علينا؛ لأن الدخول تحت مطلق الاسم يدلّ على أنه من موضوعه.
وكلامه صريح في أن خلاف هذا هو المذهب، فيكون المذهب أنه لا يدخل؛ لأنه ليس من موضوعه، ولكن يجب حمله على أنّ المراد الحَمْل؛ إذ هو موضع نظر الفقهاء، ولما ذكرناه.
وممّا يدلّك على أنّ الفقهاء إنما كلامهم فيما يُحْمل عليه اللَّفظ عند الإطلاق، لا فيما هو موضوعه: تعريفهم الصَّلاة بأقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مُخْتتمة بالتسليم بشرائط مخصوصة، وأن الأصوليين على العكس، تعريفهم الصَّلاة بأنها ذات الرُّكوع والسجود، وبالله التوفيق.
ومباحث الشافعي ﵁ والأصحاب في قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٧٥] دالة على أن البيع الفاسد عندهم بيع.